الثلاثاء، أكتوبر 15، 2019

الأمراض الوراثية


خلق الإنسان هو المعجزة الكبرى في هذا الكون وظل لغزا يستعصي عن الأفهام حتى أنعم الله علينا بالعلم وكشف لنا الكثير من هذه الأسرار والتي أفادت البشرية في اكتشاف الكثيرمن الأمراض الوراثية والتي تنتقل عبر الأجيال وتسبب مشكلات إجتماعية واقتصادية كبيرة و الحديث هنا عن تشوهات الأجنة التي إما أن تنجم عن عوامل بيئية مثل نقص التغذية عند الأم أو استعمال بعض العقاقير في المرحلة الأولى من الحمل أو تعرض الجنين في مراحل عمره الأولى لبعض السموم مثل بعض المواد الكيميائية والتدخين والتعرض للإشعاع.
أما السبب الرئيسي الآخر فهوالأسباب الوراثية حيث يحمل كلا الزوجين أواحداهما احيانا كروموسوم مورث به تشوه أو قد يحدث اضطراب في عدد الكروموسومات عند اختلاط البويضة والحيمن . و يتكون كل كروموسوم من وحدات صغيرة يطلق عليها الجينات وهي التي تحمل الصفات الشكلية للكائن البشري. وعدد هذه الكروموسومات هو 46 كروموسوما مصفوفة في 23 زوجا و يوجد ضمنها زوج واحد فقط مسئول عن تكون جنس الجنين أحدهما يطلق عليه الصفة X والنصف الآخرالصفة Y .
يعتقد الأطباء أن أكثر من 70% من حالات الإجهاض المبكرسببها التشوه في الأجنة بل ان كثيرا من هذه الحالات تحدث مبكرا للغاية قبل أن تكتشف المريضة أنها حملت . وبعض الحالات يستثمرالجنين في النمو حتى يولد . ان أكثرهذه الحالات شيوعا هي وجود كروموسوم زائد في رقم 21 و هو ما يطلق عليه الطفل المغولي وهناك حالات تشوه أخرى أقل حدوثا كما في متلازمة تريز ومتلازمة كلاين فلتر وهناك مئات من الأمراض الوراثية أوالمتلازمات التي تم إكتشافها وإن كان أغلبها نادر الحدوث.
من أهم الأسباب التي دفعت العلماء إلى تكثيف دراسة الجينات الأمراض الوراثية المعقدة بغرض التصدي لها من أجل الوقاية من الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية للمواليد وقد تم استحداث التقنية التي تتيح للزوجين تحديد جنس الجنين عن طريق فحص الأجنة التي سوف تحمل بها الأم إن شاء الله لضمان خلوها من الأمراض الوراثية ولا تقتصرفائدة التقنية الجديدة على هذا الجانب بل أضافت بعدا جديدا لعلاج هذه الحالة حيث أصبح بالإمكان اختيار أجنة سليمة متوافقة نسجيا مع أي من الأخوة المصابة بأمراض الدم الوراثية في الأسرة.
و هناك أمراض وراثية تحدث نتيجة خلل في أكثرمن مورث واحد و ينتج عنها حالات عيوب القلب الخلقية و تشوهات المخ والضمورالفقري وضمورالعضلات والتشوه في الجها العصبي و الكلي والجهازالهضمي وقد تم حديثا تطوير تقنيات في الأعوام الماضية لفحص أي تشوهات بكروموسومات الأجنة قبل نقلها للرحم وكذلك لفحص حيامن الزوج قبل حقنها في بويضات الزوجة بغرض منع حدوث تشوهات مستقبلية بالجنين.
* الفحص الوراثي قبل زرع الأجنة
يشيع الاعتقاد بأن الأمراض الوراثية غير شائعة بين الأطفال ولكن هناك 1-3% من الأطفال الذين يصابون بأمراض وراثية بعضها غيرمتوافق مع الحياة و يؤدي إلى وفاة الجنين وبعضها يؤدي إلى إحداث إعاقة للمولود أو تشوهات خلقية.
إن أسلوب الوقاية من الأمراض الوراثية أصبح حقيقة ممكنة بعدة وسائل أحدثها هو اختيار الأجنة وراثيا قبل مرحلة العلوق بالرحم و تتم من خلال برنامج طفل الأنابيب والتخصيب المجهري حيث يقوم الطبيب بعد تخصيب البويضات بالحيامن ووصولها إلى مرحلة 8-10 خلايا متشابهة بفحص خلية واحدة وراثيا لتشخيص التركيبة الوراثية الكاملة للجنين - يتم هذا الاختبار بارتشاف خلية واحدة من البويضة المخصبة بواسطة أجهزة دقيقة مجهرية دون الإضرار بالبويضة ثم يتم البدء في تحليل مكونات نواة الخلية بطرق معملية مختلفة لاكتشاف الكروموسومات المعيبة أو الجينات الوراثية الناقلة لكثير من الأمراض.
و يتم استخدام هذه الطريقة في بعض الحالات وأهمها:
1.اضطراب عدد الكروموسومات سواء بالنقص أوالزيادة وارتباطه بتقدم عمر المرأة بعد سن 35 سنة وارتباطه وراثيا كذلك بعمر الأب في 10-20 % من الحالات.
2.اختيار ثلاثية الكروموسومات لاستبعاد متلازمة الطفل المغولي .
3.اختيار ثلاثية الكرموسوم رقم 22، 16 لاستبعاد الأسباب الوراثية لتكرارالإجهاض.
4.عيوب الكروموسومات الجنسية المؤنثة لاستبعاد متلازمة تيرز وكلاينفله
5.اضطرابات الجينات الفردية مثل أمراض الدم الوراثية (الأنيميا المنجلية و أنيميا البحر المتوسط والثلاسيميا)
6.اختيارجنس الجنين لتجنب الأمراض المتعلقة بالذكورمثل الهيموفيليا (سيولة الدم) أو المتعلقة بالإناث كالتخلف العقلي.
إن هذه التقنية الحديثة أضحت أملا للكثيرمن العائلات والتي يوجد فيها أطفال مصابون بأمراض وراثية وسوف يحمل الغد القريب إن شاء الله آفاقا أخرى في هذا المجال.
Best Wishes: Dr.Ehab Aboueladab - Email:ehab10f@gmail.com

الطفرة-Mutation



لقد قيل أن البيولوجيا ستطلق صناعة تميز القرن الواحد والعشرين، كما ميزت الصناعات القائمة على الفيزياء والكيمياء القرن العشرين … وهذا بالفعل ما تشير إليه دلائل ثورة التكنولوجيا الحيوية في الأعوام الأخيرة، إذ يعكف العلماء على دراسة عمل الجينات، وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي أفرزتها الثورة الصناعية في هذا من أمراض وانقراض لكثير من الأحياء، ولكن هل هذه التكنولوجيا سوف تحل مشكلات البشرية أم تزيدها تعقيداً؟ لا شك أن هذه التكنولوجيا قدمت الكثير من الحلول لمشكلات كانت تؤرق العلماء من مثل: إنتاج هرمونات الأنسولين وهرمون النمو باستخدام البكتيريا، بالإضافة إلى تحسين الإنتاج النباتي والحيواني …
ويعلو قمة تلك الإنجازات إنتاج حيوانات مستنسخة الأمر الذي أثار ضجة عالمية على جميع الأصعدة الاجتماعية والسياسة الدينية، ولكنها ما زالت قيد التجريب، ومن تلك الإنجازات:
المعالجة الجينية لكثير من الأمراض باستخدام الهندسة الوراثية، فما المقصود بالهندسة الوراثية؟ وكيف يمكن التنبوء بالأمراض الوراثية المحتملة في الأبناء؟ ولماذا يصاب الإنسان بالأورام السرطانية ؟… هذه الأسئلة وغيرها ستتمكن من الإجابة عنها من خلال دراستك لموضوع الوراثة التطبيقية… ويتوقع منك بعد الانتهاء من دراسة هذا الموديول أن تكون قادراً–بأذن الله ـ على أن:
-         تتوصل إلى مفهوم الطفرة.
-         تتعرف مسببات الطفرة.
-         تصنف أنواع الطفرات.
-         تميز بين الطفرات الجينية والطفرات الكروموسومية.
الطفرةMutation
ما المقصود بالطفرة ؟ لاحظ العلماء ومربو الحيوانات والنباتات ظهور صفات بصورة مفاجئة في بعض الأجيال الحيوانية والنباتية، وتُعرف الطفرة بأنها ظهور صفات مظهرية جديدة لم تكون موجودة في الآباء، ناتجة عن تغيرات فجائية في كمية المادة الوراثية أو تركيبها. وقد تسبب هذه الطفرات ضرر بالكائنات الحية بصورة أمراض وراثية أو تعود بالفائدة كمصدر لظهور أنواع جديدة من الحيوان أو النبات أو أنها تساعد الكائن الحي على التكيف مع التغيرات البيئية، وبعضها لا تؤثر على حيوية الكائن الحي أو معيشته.
مسببات الطفرة:
إن التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة يؤدي إلى أحداث طفرات في خلايا الجلد بوساطة الأشعة فوق البنفسجية أو تؤدي إلى تكسر سلسلة الحمض النووي DNA، أو إلى تكوين روابط تساهمية بين القواعد النيتروجينية المتجاورة على السلسلة نفسها، أو المقابلة لها على السلسلة المتممة لها مما قد يسبب تلفاً في الجينات المسؤولة عن تنظيم الانقسام المتساوي مما ينتج عنه الإصابة بمرض السرطان.
* سؤال:هل يتم سرطان الجلد ؟ ولماذا؟
من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى إحداث طفرات التعرض للإشعاعات القوية من مثل الأشعة السينية والأشعة الذرية ومواد كيميائية مثل غاز الخردل   GAS الذي استُعمل في الحرب العالمية الأولى وبعض العقاقير مثل الثاليدومايد الذي يؤدي تناوله في أثناء الشهور الأولى من الحمل إلى تشوهات الأجنة.(الشكل المقابل) كما أن التعرض إلى درجات حرارة عالية أو منخفضة جداً قد يتسبب في أحداث الطفرات في كثير من الأمراض التي تصيب البشر.MUSTARD
 أنواع الطفرات:
وتنقسم الطفرات إلى نوعين كروموسومية وجينية:
الطفرات الكروموسومية Chromosomal Mutation:
إن تعرض الخلايا إلى أي من مسببات الطفرة طبيعياً أو صناعياً قد يغير من عدد الكروموسومات أو تركيبها.
1 ـ التغيرات في عدد الكروموسومات:
وتشمل الحالات التالية:
1 ـ عدم انفصال الكروموسومات Nondisjunction Aneuploidy :
درست سابقاً الانقسام المنصف الذي ينتج في نهاية مراحله الأمشاج. ويحتوي المشيج على مجموعة أحادية من الكروموسومات (n).ولكن قد يحدث عدم انفصال الكروموسومات المتماثلة في مرحلة الانقسام المنصف الأول (الشكل أ) أو قد يفشل أحد الكروماتيدين خلال طول الانقسام المنصف الثاني (الشكل ب).وينتج عن عدم الانفصال أمشاج تحتوي كروموسوماً زائداً (n+1)  أو ينقصها كروموسوم (n-1)، فإذا حدث إخصاب لهذه الأمشاج السابقة مع مشيج طبيعي (n).فكم يكون عدد الكروموسومات في كل لاقحة؟وقد يشمل التغير في عدد الكروموسومات كروموسوماً واحداًأو أكثر. إن الخلل في عدد الكروموسومات في هذه الحالات ينتج عنه أمراض وراثية سنناقش بعضها لاحقاً.

2ـ تعدد المجموعة الكروموسومية Polyploid :
وفيها تحتوي الخلية على مضاعفات المجموعة الكروموسومية الطبيعية نتيجة عدم انفصال جميع الكروموسومات في أثناء الانقسام المنصف، فتتكون أمشاج كاملة العدد الكروموسومي وعند إخصابها بمشيج (n) تتكون لاقحة ثلاثية المجموعة الكروموسومية (3n)، وفي حالة فشل اللاقحة التي تحوي المجموعة الثنائية من الكروموسومات (2n)من الانقسام بعد مضاعفة كروموسوماتها فتصبح الخلية رباعية المجموعة الكروموسومية (4n) وتنتشر حالات تعدد المجموعة الكروموسومية في النبات، وتتميز ثمارها بأنها أكبر حجماً من معدلها الطبيعي(كما بالشكل المقابل)  ويستخدم المزارعون مادة كيميائية كولشيسين Colchicine  للحصول على نباتات متعددة المجموعة الكروموسومية، أما في الحيوان فان تعدد المجموعة الكروموسومية نادر الحدوث وغالباً مميت.(2n)

شكل (43): أثر تعدد المجموعة الكروموسومية في النبات
 * التغيرات في تركيب الكروموسوم :
وهي تغيرات قد تحدث للكروموسوم في أثناء عملية العبور من الانقسام المنصف نتيجة لانكسار جزء من الكروموسوم لأي سبب من مسببات الطفرات، أو حذفه أو إعادة اتصاله، ولكن بطريق الخطأ، ولتعرُّف بعض أشكال هذه التغيرات أنظر للشكل التالي ثم أجب عن الأسئلة التالية:

شكل (44): بعض التغيرات في تركيب الكروموسوم
1 ـ الحذف Deletion:
ـ كم عدد مواضع الكسر في الكروموسوم؟
ـ هل تلاحظ وجود القطعة  في الكروموسوم الناتج؟(D)
إن غياب القطعة (D) يؤدي إلى حذف الجينات الموجودة فيها من هذا الكروموسوم، وقد يكون هذا الحذف في الجينات الضرورية، وبذلك يسبب خللاً أو أن يكون مميتاً للكائن الحي.
2 ـ التكرار Duplication:
قارن بين رموز القطع الموجودة في الكروموسوم الناتج مع الكروموسوم الأصل، إن انفصال جزء من الكروموسوم واتصاله بكروموسوم مماثل له يؤدي إلى تكرار بعض الجينات على الكروموسوم نفسه.
3 ـ الانقلاب Inversion:
ـ تتبع رموز القطع على الكروموسوم وقارنها بالكروموسوم الناتج …. فماذا تلاحظ ؟
ـ ينكسر الكروموسوم في موضعين. وتنقلب القطعة بدرجة 180 درجة مما يؤدي إلى عكس ترتيب الجينات في موقع هذه القطعة، وعلى الرغم من أن الجينات موجودة بكمياتها الطبيعية إلا أنه تبدو تغيرات غير طبيعية في الكائن، وذلك لأن عمل الجين يمكن أن يتأثر بموقعه بين غيره من الجينات المجاورة له.
* سؤال : ماذا يحدث في حالة انقلاب قطعة من الكروموسوم بدرجة 360 درجة؟
4 ـ الانتقال Translocation:
وهو حدوث كسر في كروموسومين مختلفين ثم تتبادل القطع بينهما بحيث تتصل كل قطعة بالكروموسوم غير المماثل وهو ما يعرف بالانتقال المتبادل Reciprocal translocation .
وقد يحدث الانتقال غير المتبادل Non- Reciprocal translocation عند انتقال جزء من كروموسوم إلى كروموسوم آخر غير مماثل له، فينتج عنه كروموسوم يحوي جينات زائدة وآخر به جينات ناقصة.
:للمزيد حول الطفرات الكروموسومية والتغيرات التي تحدث في الكروموسوم يمكن الإطلاع على محتويات مواقع الويب التالية:
http://www.biologie.uni-hamburg.de/b-online/e11/11d.htm
mutation“>http://www.hyperdictionary.com/dictionary/chromosomal+mutation
http://www.people.virginia.edu/~rjh9u/chromuts.html
http://instruct.uwo.ca/biology/281b/alanppt/al_lect3/sld001.htm  (Power Point Files)
mutation.html”>http://www.biochem.northwestern.edu/holmgren/Glossary/Definitions/Def-C/chromosomal_mutation.html
  
الطفرات الجينية Gene mutation:
درست سابقاً أهمية ترتيب القواعد النيتروجينية ضمن نسق معين في بناء البروتينات المختلفة.. فهل تغير ترتيب هذه القواعد سيغير من الشيفرة الوراثية؟ وهل لهذا التغير أثر في الشكل المظهري للكائن الحي؟ بالطبع ستكون أجابتك بالإيجاب. إن هذا التغير هو ما يدعى الطفرة الجينية، وتسمى كذلك بالطفرة الموضعية point mutation، وهي تغيرات كيميائية ثابتة تحدد في نيوكليوتايد مفرد أو زوج أو أكثر من النيوكليوتايدات في الجين الواحد في DNA، وقد تحدث بصورة تلقائية أو صناعية. ومن أمثلة الطفرات الموضعية التي تم توارثها مرض فقر الدمالمنجلي     Sickle cell anemiaالذي يحدث فيه تغير الشيفرة الوراثية CTT إلىCAT مما يؤدي إلى تكوين سلسلة ببتيد (بروتين) شاذ لهيموجلوبين الدم، وذلك لأن الحمض النووي فالين   Valine حل محل الحمض النووي جلوتاميك Glutamic في أثناء تكونه، الأمر الذي نتج عنه الإصابة بهذا المرض. acid
    
:للمزيد حول الطفرات الجينية يمكن الإطلاع على محتويات موقعي الويب التاليين:
http://www.hhmi.org/news/takahashi2.html
http://www.hhmi.org/news/john.html
    
* فقر الدم المنجلي Sickle cell anemia:
وينتشر بين سكان شرق إفريقيا وعند الأمريكيين السود، وينتج عن طفرة جينية تسبب خللاً في تركيب سلاسل بيتا في هيموجلوبين الدم، وتنتقل هذه الطفرة إلى الأبناء، مما يزيد من انتشارها بين البشر، وتأخذ خلايا الدم الحمراء الشكل المنجلي أو الهلالي عند نقص الأوكسجين نتيجة ترسب الهيموجلوبين الشاذ على شكل بلورات طويلة داخلها، وتؤذي هذه البلورات غشاء خلية الدم فتجعله هشاً.

Best Wishes: Dr.Ehab Aboueladab - Email:ehab10f@gmail.com

الوراثة البشريّة


عُرفت أمراض الوراثة منذ آلاف السنين تحديداً منذ الحضارة الفرعونية إلا أن علاجها انطلق عام 1956، عندما اكتشف العلماء عدد الكروموزومات الصحيح في خلية الإنسان، وبعد ثلاث سنوات اكتُشف مرض داون (الطفل المنغولي)، أول مرض وراثي، ففتح الباب أمام اكتشاف 6 آلاف مرض حتى اليوم، كذلك تطوّرت تقنيات التشخيص والفحص العيادي وعلاج أمراض السكّري ونقص هورمون النمو ومرض فارمان وغيرها.
في كتابها «الوراثة البشرية - الحاضر والمستقبل»، تؤكد د. سامية التمتامي أن التجارب حول الأمراض الوراثية على الحيوانات أوضحت أسس وراثة الصفات في الإنسان، وأن علم الوراثة بدأ يزدهر ليصبح علم المستقبل بعد استخدام طرق الهندسة الوراثية، كتخصص جديد لتشخيص المرض الوراثي.
وراثة جزيئيّة
تشير الباحثة إلى دور الوراثة الجزيئية البشرية في دراسة الحمض النووي DNA، وتُعرف طرق دراسة تركيب الحمض النووي بتكنولوجيا الهندسة الوراثية، وهو أحدث تخصص في علم الوراثة أمكن الاستفادة منه في التشخيص الدقيق لأمراض وراثية لدى المصابين وحاملي المرض والأجنّة قبل الولادة.
يمكن تحديد الإصابة بالمرض الوراثي قبل ظهور أعراضه، إذا كان من النوع الذي يظهر في سن متأخرة، مثل مرض هنتنغتون، وتستخدم هذه الطرق في تحديد مواقع الجينات على الكروموزومات لرسم خريطة الجينات في الإنسان، وتحضير هرمونات من أصل آدمي باستخدام بكتيريا القولون، على غرار هرمون الأنسولين وهرمون النمو، لعلاج مرضى السكري أو نقص هرمون النمو.
وراثة بيوكيماويّة
تختص الوراثة البيوكيماوية بدراسة التغيرات في السوائل البيولوجية، لا سيما في الدم والبول، للكشف عن أمراض وراثية تؤثر في التمثيل الغذائي (الأيض) للبروتينات والكاربوهيدرات (النشويات) والدهون والأحماض العضوية والدهنية.
كذلك، يدرس فرع الوراثة الخلوية التغيرات في الخليّة ويوضح تركيبها الوراثي، مثل دراسة كروماتين الجنس في عيّنة من الغشاء المخاطي المبطّن للفم، ويمكن، بهذه الطريقة، اكتشاف اختلالات مرضية كثيرة في تكوين المرء الجنسي.
أمراض وراثيّة
هناك  أمراض وراثية معروفة، ضمن 6 آلاف مرض، من بينها الأقزمة (نوع من قصر القامة) الذي ينتقل من الوالدين إلى الأبناء بنسبة 50%، فارمان وتظهر أعراضه في طول مفرط في القامة والأطراف التي تكون رفيعة والأصابع عنكبوتية، وفي طول الرأس والوجه.
يتيح تشخيص هذين المرضين المبكر الوقاية من المضاعفات، لا سيما مرض فارمان، مثل حدوث تغيرات في الأوعية الدموية الكبيرة والشريان الأورطي وارتجاع في صمام القلب المتيرالي وأعراض قصر النظر الشديد نتيجة لانتقال عدسة العين، تقوّس في العمود الفقري، تشوّهات في القفص الصدري، من دون أن يرافق ذلك أي نوع من التخلّف العقلي.
يصيب مرض العضلات الميوتوني الطفل بعد بضع سنوات من ولادته ويختلف من شخص إلى آخر، في بدايته يمكن ملاحظة ضعف عضلات الوجه وارتخاء في الجفون وعضلات الجذع والساقين، فيعجز الطفل عن التعبير بوجهه، وكثيراً ما ترافق هذا المرض، إصابة عدسة العين بالمياه البيضاء «الكاتاركت».
 ضرورة التمييز بين هذا المرض وأمراض أخرى تصيب العضلات تنتقل بالوراثة. تزداد مضاعفاته حين يصيب الأم وينتقل إلى المولود في سن مبكرة، قد تبدأ منذ الولادة مباشرة.
الوصايا الـ 10
استشارة طبيب متخصص بالأمراض الوراثية قبل الزواج وأثناء الحمل وبعد الولادة وفي أي فترة من فترات عمر الطفل، للوقاية من الإصابة بالأمراض الوراثية والعيوب الخلقية، وحددت ما سمى بالوصايا العشر:
- إخضاع المقبلين على الزواج للفحوص والتحاليل الطبية والوراثية اللازمة، بعد إجراء دراسة مفصلة لتاريخ العائلة المرضي.
- تجنّب زواج الأقارب، خصوصاً أبناء أو بنات العم أو الخال، إذ تتضاعف في هذه الحالة احتمالات حدوث عيوب خلقية وأمراض وراثية لدى الأطفال حتى لو لم يكن ثمة تاريخ لأمراض وراثية في العائلة.
- تجنب الإنجاب بعد بلوغ الأم 35 سنة، لأنه يزيد احتمال إصابة المولود بمرض داون «الطفل المنغولي».
- عدم التعرّض لملوثات البيئة في أي سن، مثل الإشعاع أو الكيماويات والمبيدات، أو تناول عقاقير طبية من دون استشارة الطبيب.
تسبب هذه المؤثرات طفرة وراثية على مستوى الكروموزومات أو الجينات، ما يؤثر على صحة الأجيال المقبلة، بالإضافة إلى خطر الإصابة بالسرطان لدى الجيل الذي تعرّض لهذه الملوثات.
- إجراء كشف طبي دقيق للأطفال، حديثي الولادة، لضمان الاكتشاف المبكر للعيوب الخلقية التي يجب علاجها مبكراً أو الوقاية منها كي لا تظهر لدى الأطفال الذين يولدون بعد ذلك في الأسرة نفسها.
- متابعة الحمل باستخدام الأشعة فوق الصوتية، ابتداء من الأسبوع السادس عشر، كذلك إجراء تحليل لدم الأم لمعرفة مستوى مادة «الألفا فيتو بروتين» والوقاية من إصابة الجنين بعدم التحام في القناة العصبية واختلال الكروموزومات.
- تحديد فصيلة الدم RH للحامل، وإعطاء المصل الواقي من ولادة أطفال معرضين للإصابة بالأنيميا والصفراء الشديدة، إذا كانت فصيلة الأم RH سالب RH-VE، وفصيلة الزوج RH موجب RH-VE.
-إعطاء الأم المصل المضاد للأجسام المناعية خلال 48 ساعة بعد الولادة، لتجنب حدوث المرض العصبي «البرقان النووي»، الذي يؤثر في وظائف المخ لدى الطفل.
- دعم مراكز بحوث الأمراض الوراثية واستخدام أحدث الطرق التكنولوجية للتشخيص المبكر، على غرار الطرق المعتمدة في الهندسة الوراثية.
- التوعية من هذه الأمراض وإلقاء الأضواء على أعراضها واستشارة الطبيب في وقت مبكر.
- وضع سجلات للمصابين بأمراض وراثية، ما يفيد في إجراء التحاليل الإحصائية لاكتشاف حاملي المرض من الأقارب، والتأكد من ذلك بالفحوص الوراثية أو الاستعانة بالبرامج التشخيصية الحديثة لتشخيص الأمراض النادرة.

Best Wishes: Dr.Ehab Aboueladab - Email:ehab10f@gmail.com

Huntington Disease - داء هنتغتون


المظاهر السريرية :
هذا الداء عبارة عن مرض تنكسي عصبي (neurodegenerative disorder) يصيب البالغين و يترافق بالثلاثية التالية:
1- تغير الشخصية personality change ))
2- رَقَص chorea,
3- العته (الخرف) dementia.
و يمكن للمشاكل النفسية أن تظهر أيضاً ونذكر منها : الاكتئاب depression, الانكفاء أو الإنزواء الاجتماعي social withdrawal . أما بالنسبة للخرف (dementia) فهي من صفات المرحلة الأخيرة للمرض .
يمكن للعلاقات الاجتماعية أن تضعف في مرحلة مبكرة من المرض.
تطور الحالة بطيء نسبياً ومدة البقاء على قيد الحياة هي 15 سنة بعد الإصابة
يترافق الشكل الشبابي (juvenile-onset form) الأكثر حدة مع :
تيبس (صلابة rigidity,)
خَلَلُ التَّوَتُّر dystonia
نوبات صرعية (اختلاجات) seizures
ترنح ataxia
تدهور فكري – نقص القدرة على الفهم ( Cognitive decline).
يميل هذا الشكل من المرض للتطور بسرعة أكثر من الشكل الذي يصيب البالغين حيث تحدث الوفاة في العشرينيات من العمر .
عادة ما يكون المرض بالنسبة لليافعين المصابين مورّث من قبل الأب وهو نتيجة الـ anticipation
huntingtons_disease 
الوبائية :
تتراوح نسبة انتشار هذا المرض مابين 4 -7 أشخاص مصابين لكل 100,000 ويصيب كل الأعراق إلا أنه منخفض الحدوث في الصين واليابان والمجتمعات الأفريقية الأمريكية.

عمر الإصابة :
عادة بين 35 - 40 سنة كما انه شوهد في عمر السبعينيات وفي مرحلة الطفولة أما بالنسبة للشكل الشبابي فهو يحدث في مرحلة الطفولة المتأخرة أو في سن المراهقة .
الوراثة:
ينتقل هذا المرض بصفة جسمية سائدة Autosomal dominant

الموقع الصبغي :
تقع المورثة المسؤولة عن المرض على الذراع القصير من الصبغي رقم 4 :
(4p16.3)


المورثة:
IT15 (important transcript 15)

أنواع الطفرات :
يعاني الأفراد المصابون بـالـ HD من زيادة في عدد تكرار الثلاثية CAG وذلك في الاكسون الأول من المورثة IT15 .
في الحالة الطبيعية يكون عدد مرات تكرار هذه الثلاثية ما بين 9 -35 أما بالنسبة للأفراد المصابين بالـ HD يكون لديهم عدد مرات التكرار اكبر أو يساوي 36 .
عادة ما يصاب الأفراد ذوي التكرار مابين 36 _ 39 بالمرض ولكن بدون أعراض أو قد يصابون بالمرض في مرحلة متأخرة من حياتهم و غالباً ما سيصاب الأفراد ذوي التكرار أكبر أو يساوي )40) بالمرض.

الآلية الجزيئية للمرض :
يعتبر المورث IT15 من المورثات الضخمة فهو يحوي 67 اكسون ويشفر لبروتين مكون من 3,144 حمض أميني يدعى huntingtin .
تؤدي زيادة عدد تكرار الثلاثية CAG إلى إنتاج الشكل الطافر من البروتين المذكور آنفاً والذي يحوي على سلسلة البولي غلوتامين حيث يتراكم هذا البروتين في النواة.
لوحظ في تجربة أجريت على الفئران المحوّرة وراثياً أن تراكم الـ huntingtin في النواة يُدخل الخلايا في مرحلة الموت المبرمج (apoptosis).
وبالتالي فان تعبير الـ caspase 1 يحرض الموت المبرمج للخلية وذلك عبر تفعيل الـ caspase3 حيث يعتقد بان هذه الآلية تسبب أيضا الأذية العصبية لمرضى الـ HD .


الاختبارات والاستشارة الوراثية :
تتوفر الاختبارات الوراثية الخاصة بتشخيص الـHD عند معظم مخابر الوراثة الجزيئية. كما يجب إثبات التشخيص الطبي باستخدام الاختبارات الوراثية .
تعتمد الاستشارة الوراثية في هذا المرض على أسس توريث الصفات الجسمية السائدة .
يورث الـHD الذي يصيب اليافعين دائما من قبل الأب و إذا تم الشك بالإصابة في مرحلة الطفولة أو المراهقة، عندها يجب الشروع بالاختبار الوراثي لتأكيد التشخيص الأولي .
يتم تشخيص الـHD في مرحلة ما قبل الولادة باستخدام اختبار الطفرة المباشرة direct mutation testing كما يمكن أن يستخدم هذا الاختبار للأشخاص الحاملين لتكرار مرضي من الثلاثية CAG.

Best Wishes: Dr.Ehab Aboueladab - Email:ehab10f@gmail.com

التشخيص والتدخل المبكر للحد من الإعاقات الوراثية


عرف الإعاقة بأنها قصور في الأداء السوي للعمل الوظيفي والجسماني أو العقلي لدى الإنسان، وتسبب الإعاقة مشكلات صحية وتربوية واجتماعية ونفسية تختلف في شدتها ومضاعفاتها باختلاف نوع الإعاقة ومدى تأثيرها على الفرد والأسرة والمجتمع.
والإعاقات في مجملها مزمنة، وكون التأهيل في معظم الحالات لا يصل إلى مرحلة الشفاء من المرض أو التأهيل الكامل، ولذا فإن من الأهمية بمكان أن يتم التشخيص والتدخل العلاجي في مراحل مبكرة وذلك بهدف التقليل من المضاعفات عند حدوث الإعاقة أو الحد منها قدر الإمكان.
وقد أدى التقدم العلمي والتقني في العقدين الأخيرين إلى استنباط وسائل تشخيصية في مراحل مبكرة تمكن من التدخل المبكر والحد بفعالية من الأمراض الوراثية المزمنة والمعقدة (1، 2، 3)، كما أن للاسترشاد الوراثي الوقائي بعد التشخيص دوراً رئيساً للحد من الأمراض المستعصية ومكافحتها والوقاية منها (4، 5، 6).

الإعاقة الوراثية والتشخيص الوراثي:
تنتج الإعاقة عن عوامل مختلفة، منها اعتلالات وراثية وأخرى بيئية (جدول 1)

(جدول 1) أهم العوامل الرئيسة المسببة للإعاقات


وتسبب الاعتلالات الوراثية، الناتجة عن تغيرات في صبغيات أو المادة الوراثية، إعاقات وأمراضاً مستصية، كما أن فترة حدوث هذه المسببات، وبالتالي التغيرات المؤدية إلى درجات من القصور والعجز والإعاقة في مراحل مختلفة من العمر، قد تكون عند تكوين الجنين أو خلال فترة الحمل، أو ما بعده بأيام أو شهور أو سنوات، تبعاً للمسببات وأنواعها.
ومن الجدير بالذكر أن العديد من الأمراض المزمنة التي تكون الاعتلالات الوراثية جانباً من أسبابها وتكوّن البيئة جانباً آخر، ولا تظهر أعراضها الصحية إلا في مرحلة متأخرة من العمر، ومن ذلك الأمراض عديدة المسببات، كمرض السكري وبعض اعتلالات القلب والأوعية الدموية وأمراض اضمحلال الجهاز العصبي وضمور العضلات وبعض الأمراض السرطانية وغيرها (8، 9).
وخلال النصف الثاني من العقد العشرين، تنامت استكشافات التقنية في مجالات علوم الوراثة، وفي ضوئها توسعت تطبيقاتها في مجال التشخيص الطبي لعدد غير قليل من الأمراض الوراثية، وأصبح بالإمكان استخدام قطرة دم، أو كمية ضئيلة من الخلايا المحتوية على النواة من أي مصدر، في إجراء التشخيصات المخبرية لاكتشاف اعتلالات المادة الوراثية المؤدية لعدد من الأمراض الوراثية والاستقلابية المصحوبة بإعاقات مختلفة (7) (جدول - 2).

جدول (2) أمثلة للاعتلالات الوراثية المسببة للإعاقة


كما مكنت هذه التقنية من الكشف المبكر بعد الإخصاب، أو أثناء الحمل، أو في مرحلة مبكرة بعد الولادة، والكشف عن الاعتلالات في مرحلة الطفولة، وبعد ذلك لدى الحاملين للاعتلالات الوراثية المتنحية (المستترة) والتي لا تظهر أعراضها الصحية على الحاملين لها (جدول - 3).

جدول (3): مراحل إجراء الكشف المبكر والتشخيص الوراثي


نمط التوارث للصفات الوراثية:
تحدث الأمراض الوراثية نتيجة اعتلالات في الحقيبة الوراثية (الحمض النووي) كما تحدث نتيجة اعتلالات صبغية (كروموزومية) تسبب تشوهات خلقية أو إعاقات جسدية وعقلية، ومن النوع الأول الاعتلالات الوراثية المتنحية.
ويوضح الشكل (1) نمط التوارث للصفات المتنحية (المستترة) لاعتلالات المورثة المفردة من الأب والأم، والتي ينعكس فيها «النمط الجيني» كمرض في النمط الظاهري (في حالة تماثل المورثات كجينات معتلة يغيب عندها المورثات السليمة)، وتتنحي (تستتر) فيه الصفة المعتلة في النمط الظاهري فلا تظهر كمرض (حيث تتنحى لتغلب الصفة السائدة السليمة التي تتواجد معها) وبالتالي لا يظهر المرض على حاملي هذه الصفات إلا في حالة توارث الصفة المعتلة من كل من الأب والأم.
أما في الحالات التي يكون فيها الاعتلال هو السائد فيظهر المرض (في حالات تماثل المورثات المعتلة) وفي حالات اختلافها (حيث يكون بعضها معتلاً وبعضها الآخر سوياً، حيث تكون المورثات المعتلة هي السائدة على المتنحية)، وبالتالي يظهر المرض على جميع الحاملين والمصابين على السواء.

(شكل - 1) توريث الاعتلالات الوراثية من الأبوين الحاملين للموروثات المعتلة للأبناء


مراحل إجراء التشخيص المبكر للصفات المتنحية (المستترة):
ويعتبر المسح الوراثي، والمتمثل في تشخيص الأمراض الوراثية على نطاق واسع - سواء إجراء فحوص ما قبل الزواج، أو ما قبل زرع النطفة في الرحم، أو الفحص العام للأطفال في سن دخول المدرسة أو أفراد المجتمع - والمتبوع بالاستشارة الوراثية الوقائية للحاملين للمورثات المعتلة - أكثر الطرق الوقائية فعالية، حيث يهدف المسح الوراثي، إلى الحد من اقتران حاملي المورثات المعتلة وبالتالي الحد من الولادات المصابة بالمرض الوراثي.

1- التشخيص قبل الزواج:
تعمل الجهات المعنية في مختلف المجتمعات على توفير خدمات وقائية عن طريق التوعية الصحية وتفسير الأنماط الوراثية - في حالات خطر الإصابة بالأمراض الوراثية - في ضوء نتائج الفحوص الطبية والتحاليل المخبرية، وذلك من خلال التشخيص الوراثي الوقائي وبخاصة في مرحلة ما قبل الزواج لاكتشاف الحاملين للمورثات المعتلة (شكل - 2).

شكل (2): الفحص قبل الزواج للكشف عن الأمراض الوراثية المتنحية



2- التشخيص قبل غرس اللقيحة في الرحم (الانتقاء كوسيلة لولادة أطفال أصحاء):
يتم تلقيح البويضة المأخوذة من الزوجة بالحيامن المأخوذة من الزوج خارج الرحم، ويتم استكثار الخلايا في مستنبت ثم يؤخذ عدد من الخلايا في عمر ثلاثة أيام، ويتم إجراء التشخيص الوراثي عليها للتأكد من خلوها من الاعتلالات الوراثية. وعند ثبوت خلوها من الاعتلالات الوراثية يتم زرع الخلايا المتكاثرة في رحم الزوجة لولادة طفل سليم بإذن الله.
وتمكن هذه الوسيلة الأسر، وبخاصة من لديهم مصابون بأمراض وراثية متنحية من إنجاب أطفال أصحاء (شكل 0 3).

شكل (3): التشخيص قبل غرس اللقيحة



3- التشخيص أثناء الحمل:
يمثل إجراء ونتيجة الفحص أثناء الحمل معضلة شرعية، إن ثبت إصابة الجنين بمرض وراثي (11) إلا أنه في المقابل يؤدي إلى طمأنة الوالدين في حالة خلو الجنين من الإصابة، وتكمن المعضلة في كون الفحص أثناء الحمل يجري - في العادة - عن طريق فحص عينة من الزغابات المشيمية خلال الأسابيع من العاشر إلى الثاني عشر من الحمل، وتحمل الفحوصات خطر الإجهاض والتشوه الجيني إن أجري التحليل بعد ذلك (شكل - 4).

شكل (4): طرق التشخيص أثناء الحمل والإجراءات المحتملة في ضوئها:


وتهدف الفحوصات التي تجري أثناء الحمل إلى التشخيص المبكر للاعتلالات الوراثية المسببة للإعاقات ووضع الاستراتيجيات الملائمة للتدخل المبكر سواء جراحياً أو باستخدام العلاج بالمورثات لتصحيح بعض الاعتلالات الوراثية خلال مرحلة الحمل لتقليل فرصة حدوث الإعاقات أو التخفيف من حدتها ومضاعفاتها.

4- التشخيص عند الولادة:
يتم التشخيص عند الولادة (12) بأخذ عينة دم من الحبل السري للمولود وإجراء الفحص المخبري والوراثي لها بهدف التشخيص المبكر للاعتلالات الوراثية ومن ثم وضع برامج التدخل المبكر سواء جراحياً أو علاجياً لتصحيح الاختلافات الوراثة التي قد تؤدي إلى الإعاقة، وكذلك وضع برامج التأهيل الملائمة لها (شكل - 5).

شكل (5): تشخيص الاعتلالات عند الولادة:


وتهدف الفحوصات المخبرية والوراثية التي تجري عند الولادة إلى التشخيص المبكر وإعداد خطة الرعاية والتأهيل الملائمة للمصابين لتقليل فرصة حدوث الإعاقات أو التخفيف من حدتها ومضاعفاتها وإتاحة المجال للتدخل الجراحي (للتشوهات الجسدية) أو العلاج الدوائي أو بالمورثات (13) (إن أمكن) لتصحيح بعض الاعتلالات الوراثية.

الخلاصــة:
في ضوء الفتوحات العلمية وإثراء المعرفة، فإن التشخيص المبكر والتدخل المبكر يحتلان أهمية أكثر إلحاحاً وقبولاً وذلك في ضوء قبول معطياتها وإثبات فعالياتها في الحد من حدوث الأمراض المستعصية والإقاعات الوراثية ومكافحتها والتقليل من مضاعفاتها الصحية والاجتماعية والنفسية.
ومن خلال التشخيص المبكر والتعرف على المسببات الوراثية أو البيئية للإعاقات يمكن إعداد الخطة المناسبة للتدخل المبكر والملائمة للحالة قيد النظر والمتوافقة مع المعطيات والمتماشية مع التقاليد المرعية والأخلاقيات والمقتضيات الشرعية ويشمل ما يلي:
- وضع خطة وقائية من الأمراض المزمنة والمعقدة متكاملة تشمل الفحص والتشخيص قبل الزواج، وبعد الحمل والولادة.
- إعداد وتنفيذ خطط وبرامج التوعية الصحية والتثقيف الصحي الوقائي بين فئات المجتمع.
- توفير خدمات الإرشاد الوراثي الوقائي للمجتمع (14، 15).
- توفير خدمات الرعاية والتأهيل للمعوقين، وتقويم الخدمات المتوفرة والمحتاجة من قبل المعوقين وتطويرها وتحسينها والعمل على تأمين احتياجهم منها.
- إعداد وتنفيذ برامج تأهيلية شاملة تهدف إلى دمج المعوقين بالمجتمع.


Best Wishes: Dr.Ehab Aboueladab - Email:ehab10f@gmail.com

العلاج بالمورثات (الجينات) (Gene Therapy)




    بعد أن تم تطوير التقنيات المتقدمة لدراسة الحامض النووي والأحماض والخمائر المنبثقة منه Recombinant DNA TECHNOLOGY RNA (POLYMERASES) وبعد نجاح العلماء في رسم خريطة المورثات (HUMAN LINK0000000000AGE MAP) أصبح معروفاً لدى المختصين بعض أماكن الجينات المختلفة0 المسببة للأمراض الوراثية وتحدد الأشخاص الحاملين للمورثة المشوهة والذي قد ينجم عنها مرضاً لأطفالهم إذا ما تزوج أحدهم امرأة تحمل موروثاً مشابهاً أو لديها عوامل بيئية تقوي هذه المورثة المشبوهة من الزوج وتنتج طفلاً مريضاً بمرض وراثي جسدي أو عقلي أو جميعها.

أولاً: التشخيص: تشخيص الأمراض الوراثية يجب أن يتم على المستويات التالية:
1- مستوى ما قبل الزواج:
 وذلك بالكشف الطبي على الخاطبين للحصول على البيانات التالية:
أ) معرفة التاريخ المرضى الوراثي لأسرتيهما، وهذا يعطي الفرصة لاختيار الشريك المناسب لضمان التوافق النفسي ولصيانة النسل من الأمراض الوراثية ومن ثم تجرى عمليات البحوث المناسبة.
 ب) تجرى البحوث الوراثية التالية:

    للصفات الوراثية السائدة:
 إذا كانت من DOMENANT GENES لأحد الأبوين سيصيب المرض نصف الذرية من الإناث والذكور، أما إذا كانت من الزوجين فإصابة تشمل كل الأبناء.
    للصفات الوراثية المتنحية:  لكي ينتقل RECEESSIVE GENES المرض الوراثي إلى الطفل لابد من وجود هذا الجين في كلا الأبوين وحينئذ يصاب 25% من الذرية بالمرض بينما ال50% من الذرية يحملون الجين دون ظهور المرض. أما ال 25% الباقية فناجية تماماً (لا يحملون الجين)
.
    للصفات المرتبطة بصبغي الجنس:
 إذا كانت الأم SEX LINKED GENES تحمل مرضاً من الجين الأنثوي x سيظهر المرض على الجين الذكر فقط مثل مرض الناعور (هيموفيليا) ولا تصاب الإناث بهذا المرض، فقط يحملن المورثة ثم يبق أن المرض لأولادهن من الذكور فقط.
2- مستوى الأم الحامل والجنين:
إذا تكرر إجهاض تلقائي مبكر عند الأم الحامل فإن هناك احتمالاً بوجود مرض وراثي بنسبة 50%- 60% ولذلك نقوم فحص الجنين والأم خلال الأسابيع الثمانية من الحمل بالطرق التالية:

أ) الفحص بالموجات فوق الصوتية ULTRA SONOGRAPHY:
 حيث نحصل على معلومات مهمة مثل (هل الجنين حي أم ميت- جنسه- تحديد العيوب الخلقية في الجنين والمشيمة- نوع الإجهاض المتوقع) وهذا الفحص لا يسبب أضراراً للأم أو الجنين.
ب) فحص دم الأم الحامل
 لمعرفة وظائف الكلى والكبد وفيروسات الحصبة الألمانية والهربس والزهري وأمراض SYPHILIS, TOXOPLASMOSIS وكذلك أخذ عينة من السائل الأمنيوسي لمعرفة نوع البروتين المناعي ALPHAFETOPROTEIN.
ج) فحص دم الجنين:
 تؤخذ العينة من الحبل السري بمساعدة الموجات فوق الصوتية من خلال جدار الرحم ويفحص الدم (الخلايا الليمفاوية) حيث يمكن تحديد عيوب الصبغيات وفيروس الإيدز والحصبة الألمانية والهربس ولولبيات الزهري والتكسوبلازموسس وأنواع البروتينات المناعية، كما يمكن زرع هذه الخلايا ثم دراسة الصبغيات بها والتعرف على عيوبها ومواطن الخلل فيها، وكذلك إجراء ما يلزم من تحاليل الحامض النووي الريبي ودراسة الأنزيمات والخمائر والبروتينات.

د) أخذ عينة نسيجية من المشيمة:
وهي تقنية متقدمة ولا تخلو من أخطار على الأم والجنين وفائدة هذه الوخذة أنها تدلنا على أنواع الأمراض التي تصيب الصبغيات وتلك التي تورث عن طريق المورثات وكذلك معرفة الأمراض الناتجة عن الأيض METABOLISM ونظراً لاحتمال وجود مضاعفات للأم أو الجنين خلال إجراء التحاليل في الأسابيع الثمانية الأولى من الحمل ولكي نتجنب ذلك نؤكد على أهمية الاستشارة الطبية للخاطبين قبل الزواج والتي أشرنا إليها سابقاً كما ننصح بتعميمها على طالبي الزواج.

ثانياً: العلاج بالمورثات:
    لقد حدثت طفرات كبيرة في التقنيات الخاصة بدراسة الصبغيات والمورثات في المعامل وذلك بعمل مزرعة للخلايا البشرية مختلطة ومحملة على فيروسات أو بكتريا أو خلايا من الحشرات أو من الثديات، وأصبح من اليسير التعرف على المورثة المصابة أو المشوهة أو المغيرة لمكانها أو اللاصقة بغيرها أو المفقودة منها.. الخ ثم استبدالها بمورثة أخرى صالحة للعمل في موضعها المحدد لها كل ذلك يتم على مستوى المعمل ثم تحقن هذه المورثات في الحبل السري للجنين لمعالجة المرض الوراثي لدى الجنين، ولقد أمكن للعلماء بطرق مشابهة إنتاج الأمصال والهرمونات شبه البشرية على مستوى واسع الانتشار مع اعتدال في الأسعار، ومن أمثلة ذلك أمصال التهابات الكبد الفيروسية الوبائية، وانتاج الأنسولين البشري، وهرمونات النمو في الإنسان.
    إن هذا الإنتاج المتماثل تماماً مع الهرمونات البشرية الطبيعية قد سد فراغاً كبيراً في مجالات الوقاية من الأمراض الوبائية والأمراض المناعية والإصابات السرطانية كما أمكن علاج كثير من الأمراض المستعصية والمزمنة.

    وفي مجال وقاية النسل من التشوهات الصبغية الجينية استطاع العلماء أن يتعاملوا مع المبيضة الملحقة خارج الرحم عند مستوى انقسامها إلى أربع خلايا وذلك بإجراء تحليل PCR لتشخيص الخلل الصبغي ثم بعد يعالجون هذا الخلل بمورثة (جين) ملائمة من مصدر خارجي، ثم إتمام زرعه في FOREIGN GENE البويضة ثم تنقل هذه البويضة الملقحة المعالجة للرحم.
    كما نجح العلماء في إضافة جزيء أو جزيئات جينية تحمل صفات خاصة مثل تقوية المناعة ضد الفيروسات أو جينات مقاومة للسموم الناتجة من البيئة أو غير ذلك من السبل الوقائية ضد الأمراض، وتزرع هذه الجزئيات في البويضة الملقحة في أطوارها الأولى خارج الرحم وبذلك يتم تحصين الجنين. وهناك في حالات أخرى تتم المعالجة الجينية والجنين في رحم أمه كما أسلفنا من خلال الحقن عن طريق الحبل السري مخترقاً جدار الرحم.
    والطريق مفتوح على مصرعية أمام هذا العلم المتنامي العظيم الفائدة للجنس البشري، والشريعة الإسلامية تجيز هذا النوع من الأبحاث التشخصية والعلاجية والوقائية لصالح الناس واستقامة أمورهم الحياتية، فإن من أفضل القربات عند الله تعالى علاج المرضى ومواساتهم والتخفيف من معاناتهم وآلامهم، والشريعة تحث العلماء المسلمين وتأمرهم أن يكونوا في المقدمة رواداً لمثل هذه البحوث ولا يجب أن نتخلف عن التعمق في العلوم الوراثية لأنها ستكون حجر الزاوية في معظم الأمراض البشرية كما أوضحت سابقاً وليس فقط الأمراض الوراثية، وآفاق علوم الوراثة واسعة ومن اليسير علينا أن نسارع بإفساح المجال أمام الباحثين ونشجعهم استجابة لقول الله تعالى: (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلّ فِرْقَةٍ مّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لّيَتَفَقّهُواْ فِي الدّينِ..) التوبة122، لنحقق بعضاً من مقاصد الشريعة في حفظ النفس والنسل والعقل.
    وسوف يكون للهندسة الوراثية دور أعظم في مجالات طب المجتمع والبيئة والطب الوقائي، وهذا عين ما ترنو إلية شريعتنا الغراء لتحقيق أسباب الصحة البدنية والنفسية والعقلية لجموع الأمة، بل وللإنسانية جمعاء.


ثالثاً:الأخطار الكامنة عند تطبيق العلاج الجيني:
    على الرغم من التقدم الهائل في الهندسة الوراثية نظرياً وتقنياً والتطور الكبير الذي أدى إلى تشخيص العديد من الأمراض الوراثية والخلقية والسرطانية وتحقيق نجاح باهر في علاج هذه الأمراض فلا زالت هناك مخاطر تحيط بالتطبيقات الجينية نذكر منها على سبيل المثال:
1- الفشل في تحديد وضبط موقع المورثة الجينية المزروعة على الشريط الصبغي للمريض بدلاً من الجزء العليل والمسبب للمرض، وقد يسبب هذا الفشل في تحديد موقع المورثة المزروعة مرضاً آخر ربما أشد فتكاً من المرض الأصلي.
2- احتمال أن تفقد المورثة المزروعة خواصها الوظيفية أو الطبيعية أثناء عملية الزرع وقد ينتج من ذلك أمراض أخرى غير محسوبة الناتج.
3- هناك احتمال أن تسبب المورثة المزروعة نمواً سرطانياً يؤدي بحياة الطفل خلال أية مرحلة من مراحل حياته.

4- إحداث أضرار مثل تهتك أنسجة الجنين أوالأم أثناء عملية زرع الجينات الأجنبية في الجين أثناء الحمل في الأسابيع الأولى أو التسبب في عدوى فيروسية أو بكتيرية أو فطرية.
5- هناك مضاعفات عديدة للأم أو الجنين عند استعمال المنظار الجنيني، وقد تصل الخطورة إلى الإجهاض أو وفاة الأم ولا يستخدم المنظار إلا نادراً.
6- إن استخدام هذه الوسائل يجب أن يجرى بواسطة أخصائين على درجة عالية من التدريب والخبرة كما يجب أن تتوفر العوامل المساعدة مثل إمكانيات إجراء مزارع الأنسجة ومتابعة نموها والكشف عن المورثات العليلة أو التي تحتوي على عيوب صبغية.
7- لابد من مصارحة الزوجين بالأخطار المحدقة بإجراء مثل هذه الوسائل التشخيصية ونسبة نجاحها وفشلها ثم الحصول على موافقة كتابية من الزوجين.( محمد جمال الدين أبو سرور، ندوة أطفال الأنابيب، النقابة العامة للأطباء، القاهرة، مارس 1992م..13).
    إن الإسلام ينحو بالعلوم إلى إسعاد الناس وسد احتياجاتهم المادية من طعام وملبس ومأوى وأسرة بجانب تمسكهم بقيمهم الإسلامية ومثلهم العليا واستقلاليتهم في تصريف شؤونهم، وبهذا المفهم فإن الاستفادة من الهندسة الوراثية في تحسين الإنتاج الحيواني والمحاصيل الزراعية مطلوبة ومرغوبة، فإن العالم الثالث جائع وجاهل ومريض وفقير ومستعبد ومستغل من قبل سادة الشمال، فإذا كان علم الوراثة سيخفف من تلك الويلات فأهلاً بهذا العلم ومرحباً برجاله العلماء الملتزمين الذين يعملون لصالح البشرية وإصلاح شؤونها.
على علماء المسلمين واجب فوري هو أن ينخرطوا في تعلم الهندسة الوراثية ونقل تقنياتها إلى بلادهم.

رابعاً: الحاجة إلى ميثاق شرف علمي مهني أخلاقي:
    دارت مناقشات ساخنة بين الأطباء في كثير من المؤتمرات وندوات الطب الإسلامي حول ضرورة وضع شروط وقيود انضباط على الممارسات غير الأخلاقية لدى بعض العلماء المتعاملين مع الأجنة البشرية، ولقد سبق أن أشرنا إلى أن بعض جراحي المخ والأعصاب في أمريكا وأوربا أباحوا لأنفسهم زرع خلايا عصبية حية من أجنة بشرية لعلاج أمراض عصبية مزمنة مثل مرض البايكنسونزم والألزهمير، وقيل إن هذه الممارسات تمثل اعتداء على الحياة البشرية لحرمة الأجنة، كما تمثل سلوكاً غير أخلاقي هو المتاجرة بالأجنة بالبيع والشراء من صاحبات الأرحام المؤجرة وممن تم تخصيب بويضاتهن بخلايا تناسلية ذكرية استجلبت من بنوك البويضات حيث تم التلقيح خارج الرحم ثم إعادة زرع البويضات الملقحة في أرحام صاحبات الأرحام المؤجرة.
    وسبق أن ذكرنا أن هناك لغطاً حول عصابات خطف الأطفال والاتجار بأعضائهم الداخلية لزرعها في مرضى الكلى والكبد والنخاع.. الخ كما أن البحوث الهندسية البشرية تجرى على قدم وساق بالمشاركة مع بنوك تخزين الخلايا التناسلية دون ضوابط ولا لوائح مهنية تنظم هذه الأبحاث، ولقد سمعنا أن بعض الهيئات الطبية العالمية المعنية بالسلوكيات المهنية وحقوق الإنسان بالاشتراك مع أصوات الكنيسة الكاثوليكية تمنع هذه الممارسات غير الأخلاقية ولكن لم يصل إلى علمنا شيء يفيد أن هذه الاحتجاجات المهنية المسيحية قد أثمرت في الإعلان عن ميثاق أو قانون أو لوائح تضبط وتنظم مثل هذه البحوث غير الإنسانية.

ماذا نقدم؟
    حيث إن توصيات وقرارات مؤتمرات وندوات الطب الإسلامي والإعجاز العلمي في القرآن والسنة قد أصبحت موضع التقدير والاحترام لدى الأطباء والعلماء المسلمين في كافة أنحاء العالم حيث أظهروا ومارسوا التزاماً دينياً ومهنياً وأخلاقياً في تخصصات كثيرة مثل نقل وزراعة الأعضاء، وعلاج العقم في النساء والرجال، وتحديد علامات الوفاة، وغير ذلك من الممارسات الطبية الحديثة.
    واستكمالاً لهذه المسيرة المباركة لفقهاء وعلماء الإسلام وانطلاقاً من قول الله تعالى: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمّةً وَسَطاً لّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) البقرة:143، وإن رسالة الإسلام علمية (وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَآفّةً لّلنّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ) سبأ:28، وأن هذا الخير الذي بأيدينا يجب أن تعم بركته العالمين وأن الشريعة سبقت كلفة التشريعات الوضعية قديمها وحديثها في بيان وتفصيل وحماية حقوق الجنين،

 وهي جديرة بتقديمها إلى المجتمع الغربي بفخر وثقة واعتزاز، وحيث أن هناك أعداداً كبيرة من الأطباء والعلماء المسلمين يعملون في المراكز البحثية والطبية في بلاد الغرب بحاجة إلى توصيات محددة لا يتجاوزونها عند تطبيقات السريرية، كما أن هناك الجاليات الإسلامية المنتشرة في العالم والواجب الديني يحتم علينا تقديم النصح والمشورة لهم وتبيان ما حرم الله وما أحل عند اصطدامهم بمشاكل طبية تثير الشبهات أو تمس معتقداتهم.

Best Wishes: Dr.Ehab Aboueladab - Email:ehab10f@gmail.com

Engineering Your Baby-هندسة الأطفال / نحو جيل خالٍ من الأمراض الوراثية







منذ بضعة عقود لم يكن باستطاعة الأبوين أن يعرفا فيما إذا كان طفلهما خاليا من الأمراض أم لا، أما الآن فهما يستطيعان معرفة ذلك قبل بدء الحمل، وهذا يؤدي إلى إثارة شتى أنواع الاحتمالات والمخاوف.
إن أحد المخاوف التي تعتري أي زوجين ينتظران طفلا، في حال كانا يحملان مرضا وراثيا، هو احتمال نقل هذا المرض إلى طفلهما. من الممكن كشف المرض أثناء الحمل ووضع حد لهذا الحمل إذا رغب الزوجان في ذلك، لكن العديد من الأزواج لديهم مواقف أخلاقية ودينية مناهضة للإجهاض، وهكذا فإن أي إجراء يتخذ ستكون له عواقب مؤلمة، لذلك حتى وقت قريب لم يكن أمام الزوجين اللذين يحملان مرضا وراثيا إلا ثلاثة خيارات أحلاها مر: إما عدم إنجاب أطفال (أو عدم إنجاب المزيد من الأطفال) بعد أن يتم تشخيص المرض، أو الإقدام على الحمل والاستمرار به حتى موعد الولادة على أمل أن يكون الطفل سليما معافى، أو الاقدام على الحمل، وفحص الجنين قبل الولادة ثم احتمال مواجهة قرار أليم.
نجمت هذه المعضلة عن سلسلة من التطورات التي جعلت قدرة الأطباء على تشخيص الأمراض الوراثية أكبر من قدرتهم على علاجها. وحتى منتصف القرن العشرين لم يكن بإمكان أي زوجين ينتظران طفلا جديداً أن يعلما أي شيء عن هذا الطفل إلا بعد ولادته. لكن في الخمسينات من القرن الماضي تم إدخال تقنية فحص السائل النخطي (amniocentesis) المحيط بالجنين، كما شهدت الستينيات أول ظهور لتقنية تصوير الجنين بالأمواج الصوتية (sonography). أما في الثمانينات فقد أضيفت تقنية أخرى إلى المخزون المعرفي للأطباء، وهي أخذ خزعة من الزغب المشيمي (chrionic villus biopsy) من أجل فحصها. لقد قدمت هذه التقنيات للزوجين معلومات وافرة عن تطور الجنين.
رافقت هذه التطورات في المعلومات حول فترة ما قبل الولادة تطورات أخرى في علم الوراثة، فبعد أن تم التعرف إلى الحامض النووي الريبي المنزوع الأكسيجن (DNA) ووصف شكله المزدوج الحلزنة، قطع العلماء أشواطاً كبيرة في فهم كيميائه الخاصة وإدراك كيف أن الوراثة تتم على مستوى جزيئي. لقد تم التعرف إلى الكثير من الحالات الخاصة بعيوب وراثية محددة مثل: الناعور أو النزاف(1)(hemophilia)، وتليف البنكرياس الحوصلي (cystic fibrosis)، وفقر الدم من نوع فانكوني(2)(Fanconi's anemia) والكثير من الحالات الأخرى. لكن الدكتور مارك هيوز، أحد الخبراء الأمريكيين الكبار في الأمراض الوراثية، يقول: إنه حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي لم يكن علم الوراثة الطبي يتعدى حدود التشخيص، أي: «تشخيص ثم توديع diagnose and adios» حسب قوله، فهو كان يستطيع أن يصف للأبوين الحالة التي يعاني منها طفلهما، إنما بعد ذلك «ما من شيء تستطيع فعله من أجل هؤلاء الناس، فالطفل موجود لكن العلاج غير موجود». إن معرفة الأبوين بأنهما يحملان جينات مرض وراثي قد تساعدهما على اتخاذ قرارات بخصوص الحمل في المستقبل، إنما لم تكن هناك طريقة من أجل منع الخطر قبل وقوعه، بينما في الوقت الحاضر يستطيع الأبوان أن يعلما قبل بدء الحمل، وبشكل شبه أكيد، أن طفلهما لن يكون مصابا بمرض وراثي، فالتطورات الكثيرة التي حصلت في مجالي الطب وعلم الوراثة قد تضافرت لجعل هذا الأمر ممكنا. كان أولها التلقيح عبر الأنابيب (IVF) (in-vitro fertilization)، الذي تم بنجاح للمرة الأولى في العام 1978م. في هذا النوع من التلقيح يتم تحريض المبايض عند المرأة بواسطة عقاقير الخصوبة كي تقوم بإنتاج عدد من البويضات، عادة بين عشر إلى خمس عشرة بويضة. يتم استخراج هذه البويضات عن طريق المهبل باستعمال إبرة مجوفة يتم توجيهها بواسطة الأمواج فوق الصوتية، ثم يتم تلقيحها بالحيوانات المنوية للأب ضمن حاضنة، وبعد تركها لتنمو مدة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة أيام يتم نقل واحدة أو أكثر من هذه البويضات الملقحة إلى رحم الأم. بعد كل هذا تصبح المرأة حاملا فعليا خلال مدة لا تتجاوز الثلاثين في المائة من الزمن المطلوب عادة، وإذا لم تصبح حاملا بإمكان الطبيب أن يحاول مرة أخرى بعد مرور عشرة أيام باستعمال أجنة أخرى، فالأجنة التي لا تستخدم يمكن حفظها في محلول خاص وتجميدها لاستعمالها عند الحاجة.
لقد تم تطوير تقنية التلقيح عبر الأنابيب (IVF) من أجل مساعدة الأزواج العقيمين على الإنجاب،وفي نهاية الثمانينيات رأى علماء الوراثة أن هذه التقنية يمكن أن يكون لها وظيفة أخرى: وهي مساعدة غير العقيمين على تجنب نقل الأمراض الوراثية إلى أطفالهم. وكانت الفكرة تتلخص في تخصيب البويضات داخل الحاضنة الزجاجية، وتركها تنمو حتى تصبح أجنة متعددة الخلايا، ثم أخذ خلية من كل جنين وفحصها. إذا تبين أن الجنين خال من الأمراض عند ذلك يمكن نقله إلى رحم الأم مع الخلية التي أجري عليها الفحص «ففي هذه المرحلة المبكرة لا تكون خلايا الجنين قد اكتسبت وظائف خاصة بها، حيث تكون الخلية عادة ـ إنما ليس دائماً ـ مشابهة للخلايا الأخرى. تسمى هذه التقنية في وقتنا الحاضر التشخيص الوراثي قبل الزرع (preimplantation genetic diagnosis) أو اختصاراً «PGD».
هناك تطوران آخران ساهما في جعل تقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع ممكنة التطبيق، وكان التقدم الكبير الذي حصل في مجال علم الوراثة في السبعينيات والثمانينيات أحد هذين التطورين. لقد سمح هذا الشيء للباحثين بالعثور على نقاط علام جينية ـ أي عيوب في نقاط محددة على صبغات محددة ـ تشير إلى وجود العديد من الأمراض التي يمكن أن تنتقل وراثيا، فحالما يتوصل علماء الوراثة لمعرفة المكان الذي ينبغي عليهم البحث فيه والشيء الذي ينبغي عليهم البحث عنه، فإنهم يقومون بتصميم مسابير(probes) تلتصق تلقائيا بالصبغيات التي تعاني من خلل معين، فإن كان الباحث يريد إجراء فحص للتأكد من وجود مرض هنتنجتون(3)(Huntington's disease)، على سبيل المثال، فإنه يقوم بوضع مسبار مصمم خصيصاً للكشف عن مرض هنتنجتون على عينة من المادة الوراثية، فإذا التصق المسبار تلقائيا بهذه العينة فهذا يعني أن المرض موجود.
واكتمل حل هذا اللغز عند ظهور تقنية التفاعل المتسلسل لإنزيم البلمرة (Polymerase chain reaction) (اختصاراً PCR) للمرة الأولى العام 1985م، التي مكنت كلا من كاري موليس ومايكل سميث من الفوز بجائزة نوبل في الكيمياء للعام 1993م، وتسمح هذه التقنية لجزيء واحد من الـ DNA(أي الحامض النووي الريبي المنزوع الأكسجين) بأن يتناسخ ملايين المرات.
وهذه ميزة لا يمكن الاستغناء عنها لأن علماء الوراثة يحتاجون خلال قيامهم بفحوصات التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD لكميات من الـ DNA تفوق بكثير تلك التي توجد ضمن خلية أو خليتين مأخوذتين من جنين قيد التكون.
في العام 1987م نشر فريق بحث بريطاني تقريرا يثبت أن التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD ممكن تطبيقه على الأقل على الفئران، إلا أن التغلب على الفروق الشديدة بين القوارض والبشر كان يتطلب عدة سنوات أخرى، حسب رأي أحد أعضاء الفريق البريطاني آلن هانديسايد، بروفيسور علم الأحياء التطوري في جامعة ليدز. قامت فرق البحث على جانبي الأطلسي بقبول التحدي. وفي إبريل من العام 1990م قدم هانديسايد وزملاؤه، إلينا كونتوجياني وكيت هاردي وروبرت وينستون، تقريراً عن الاستخدام الناجح لتقنية الشخيص الوراثي قبل الزرع PGD للمرة الأولى عند البشر.
تدعى الحالة التي كانوا يبحثون عنها اضطراب التغذية في المادة البيضاء والكظر (adrenoleukodystrophy)، وهو ما يعرف بمرض «زيت لورنزو» القاتل، الذي يصيب الذكور فقط. لقد قاموا بإحداث ثقوب صغيرة جدا، باستعمال الليزر، ضمن جدران أجنة مولدة عبر الأنابيب من امرأتين تحملان المورثة الخاصة بهذه الحالة المرضية، ثم قاموا بأخذ خلية من كل جنين عبر عملية امتصاص (suction) دقيقة جدا أجرت بواسطة ممص (pipette) صغير، وتمكنوا بعد فحص الصبغيات في هذه الخلايا من التعرف إلى الإناث من بين هذه الأجنة لنقلها إلى رحم الأم، وهذا يضمن خلو الذرية القادمة من هذا المرض. بعد ذلك مباشرة بدأت فرق أبحاث من أمريكا ومن بلدان أخرى بتطبيق تقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD، ثم توسعت استعمالات هذه التقنية بشكل كبير بعد أن تمكنوا من تطويرها لتشمل ليس فقط فحص جنس الجنين بل أيضا الكشف عن عدة أمراض وحالات معينة.
على أية حال، هناك طريقة أخرى للتشخيص الوراثي قبل الزرع PGD، وهي لا تتضمن أخذ خلية من الجنين. إن هذه الطريقة، التي تعد أقل استخداما من الطريقة السابقة، تعتمد على استعمال الخلايا القطبية (polar bodies)، أي الخلايا التي تتبقى من البويضة بعد تشكلها. تحتوي الخلية العادية في جسم الإنسان على 46 صبغية مرتبة بشكل زوجي، 23 صبغية من الأب مقابل صبغيتين من الأم. إن لكل خلية من خلايا الجسم نفس عدد الصبغيات، أي 46 ـ ما عدا النطفة والبويضة اللتين لا تشتمل الخلية الواحدة من خلاياهما إلا على صبغية واحدة من كل زوج من الصبغيات، أي ما مجموعه 23 صبغية. القدر وحده هو الذي يحدد أي صبغية من كل زوج ستتمكن من دخول البويضة وأية واحدة ستتخلف لتبقى ضمن الخلية القطبية. عندما تلقح النطفة البويضة تتكون لدينا خلية مندمجة تحتوي على ما مجموعه 46 صبغية.
تبقى الخلية القطبية داخل البويضة إلى ما بعد عملية الانقسام، على الرغم من أنها لا تلعب دورا في التخصيب أو في نمو الجنين، لذلك فإنه يمكن إزالتها وفحصها دون التسبب بأي أذى. وقبل القيام بإجراء تحليل للخلية القطبية يسعى عالم الوراثة للحصول على نموذج عن مجموع العوامل الوراثية (genome) الكاملة للأم. إن طرح مجموع محتويات الخلية القطبية من مجموع العوامل الوراثية الكاملة يكشف عن نوعية الصبغيات الموجودة داخل البويضة، وإذا تبين أن هناك مشكلة كامنة في أحد هذه الصبغيات فإنه يمكن التخلص من البويضة.
من الواضح أن تحليل الخلية القطبية لا ينطبق إلا على الحالات المرضية التي تنتقل عبر الأم، أما ميزة هذا التحليل فهي في عدم تعامله مع الأجنة نظرا لأنه يتم قبل التخصيب، فيتفادى بذلك بعض الموانع الأخلاقية والدينية إضافة إلى القيود الخاصة بالتمويل الحكومي. لكن نتائج تحليل الخلية القطبية مشكوك بها لدرجة أنه من المستحسن التحقق منها بتحليل خلية قطبية ثانية يتم نبذها أثناء التخصيب وتحتوي على نفس عدد الصبغيات الموجودة في البويضة والبالغ عددها 23، ونظرا لأنه يتحتم القيام بهذا التحليل بعد التخصيب فإن هذا يعني خسارة بعض الميزات الأخلاقية التي تتمتع به هذه الطريقة على الرغم من أن هذا التحليل لا يشتمل على أخذ خلايا من الجنين.
سواء كان مصدر المادة الوراثية هو خلية جنينية (تعرف باسم blastomere أي قطعة أرومية)(4) أم خلية قطبية، فإن الخطورة التي تلي الحصول على هذه المادة هي فحصها. بالنسبة للقطع الأرومية فإنه يجب فحصها خلال 48 ساعة لأن الجنين يستغرق بلوغه الحجم المطلوب، من ست إلى ثماني خلايا، مدة ثلاثة أيام بعد التلقيح، ثم يجب أن يتم نقل الأجنة إلى رحم الأم في اليوم الخامس. وفي الكثير من الحالات يضيع الوقت سدى خلال نقل الخلايا من مركز التلقيح عبر الأنابيب إلى حد المختبرات الوراثية المزودة بالأجهزة اللازمة، والتي لا يتوفر منها في الولايات المتحدة إلا عدد قليل. عندما يريد عالم الوراثة فحص إحدى المورثات (الجينات) فإنه يقوم في بادئ الأمر بإزالة الحامض النووي DNA من الخلية أو الخلية القطبية، ثم يقوم بعد ذلك بنسخ هذا الحامض النووي باستعمال تقنية التفاعل المتسلسل لإنزيم البلمرة PCR تؤدي هذه العملية إلى خلق أعداد لا حصر لها من الحموض النووية المتطابقة عبر محاكاة العمل الذي يقوم به الحامض النووي بشكل طبيعي لاستنساخ نفسه، وهو ما يطلق عليه اسم «فعل الزمام المنزلق zipper action». عند تطبيق تقنية التفاعل المتسلسل لإنزيم البلمرة PCR توضع عينة من الحامض النووي ضمن آله إلى جانب خليط سائل مكون من النيكلوتيدات(5) (nucleotides) الأربعة التي يتكون منها الحامض النووي أصلا، بالإضافة إلى إنزيم خاص مقاوم للحرارة وبعض أسلاك النيكلوتيد القصيرة التي تساعد على البدء بهذه العملية، بعد ذلك تمر تلك العينة بحقبات متناوبة من الحرارة والبرودة، وأثناء الحرارة تنفصل جديلتا الحامض النووي عن بعضهما بعضا، وعندما تبردان يقوم الإنزيم بلصق نيكلوتيدات حرة من ضمن الخليط السائل بهاتين الجديلتين اللتين أصبحتا منفصلتين مكونا بذلك جدائل أخرى جديدة ومتتامة. أصبحت لدينا الآن نسختان متطابقتان من الحامض النووي بدلا من النسخة الأصلية، وتكرار هذه العملية سوف يؤدي إلى مضاعفة نسخ الحامض النووي بشكل أُسيِّ (exponentially)، فيتم إنتاج ملايين النسخ في غضون ساعات.
تبدو هذه العملية وكأنها تسير بغاية السلاسة، لكن هناك العديد من المشاكل الخطيرة التي قد تعترض سبيلها، فالعينة قد تتلوث بحامض نووي خارجي من عمال المختبر أو من المعدات الموجودة فيه ـ تذكروا أن جزيئا واحدا يكفي لتلويثها ـ ثم إن عيوبا قد تستجد أثناء عملية نسخ الحامض النووي، تماما كما يحدث في أي موقف يتطلب صناعة أعداد كبيرة من النسخ عن نسخة أصلية واحدة، كما أن هناك احتمالاً أن تحدث مشكلة أخرى وهي إما أن تكون نسخة إحدى الصبيات أسوا من نسخة الصبغية الأخرى المرافقة لها، أو عدم حدوث النسخ لديها على الإطلاق. يستعمل علماء الوراثة طرقا تحليلية دقيقة جدا للتغلب على هذه المشاكل، وعلى الرغم من أنه لا توجد طريقة أمنة بشكل كامل فإن عمليات التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD، التي تقوم بها مختبرات ذات سمعة جيدة تعتبر حاليا موثوقة بنسبة 90% من الحالات التي ترد إليها. لكن احتمال ألا تظهر إحدى الطفرات الوراثية خلال الفحص التشخيصي لا يزال قائما. وقعت أخطاء من هذا النوع في بعض الحالات السابقة لكنها اكتشفت أثناء الحمل بواسطة فحص السائل النخطي (amniocentesis)، لذلك دائماً تنصح النساء اللواتي يخضعن للتشخيص الوراثي قبل الزرع PGD أن يعاودن التأكد من النتائج عن طريق فحس السائل النخطي أو أخذ خزعة من الزغب المشيمي في حال حصول الحمل. هناك طريقة مختلفة تماما للتشخيص الوراثي قبل الزرع PGD تنطبق على فئة مختلفة من العيوب الوراثية، حيث تعتمد على تحليل الصبغيات بأكملها وليس فقط أجزاء منتقاة منها، وهي لا تحتاج إلى تقنية التفاعل المتسلسل لإنزيم البلمرة PCR. تعد هذه الطريقة فعالة في حالة انتقاء جنس الجنين وفي حالة تسمى اختلال الصيغة الصبغية (aneuploidy) أيضاً، أي الحالة التي يعاني فيها الشخص من كثرة أو قلة الصبغيات. من ضمن الحالات المرتبطة بالصبغيات الجنسية والتي يمكن تجنبها عبر انتقاء جنس الجنين، هناك الناعور (hemophilia)، ومتلازمة ليش نايهان(6)(Lesch-Nyhan syndrome)، ومتلازمتا دوشن وبيكر لاضطراب التغذية العضلي(7) (Duchenne / Becker muscular dystrophy) وعدد من الاضطرابات المتنحية الأخرى التي تنتج عن مورثة وحيدة. تنتقل هذه الطفرات الوراثية عبر الأم بواسطة الصبغية X.
إذا حصل الجنين على صبغيةY من الأب، وكان المولود ذكرا فإن الخلل الموجود في الصبغة X سيظهر في الطفل، أما إذا حصل الجنين على الصبغية X من الأب وكان المولود أنثى، فإن هذه الصبغية ستقوم بشكل دائم تقريبا بكبح تلك الصفة المتنحية الموجودة في الصبغية X الخاصة بالأم، لذلك فإن إنجاب الإناث فقط يعد طريقة بسيطة لتجنب ظهور هذه الحالات المرضية. أما اليوم، مع تقدم طرق الفحص، يستطيع علماء الوراثة فحص الجنين الذكر للتأكد مما إذا كان يحمل إحدى هذه الطفرات الوراثية، إلا أنه عندما طبقت تقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD لدى البشر للمرة الأولى بحثا عن مرض اضطراب التغذية في المادة البيضاء والكظر (adrenoleukodystrophy) لم يكن هناك وجود لمثل هذه الطرق التي يمكن استخدامها لأداء المهمة خلال المدة القصيرة المتاحة، ولذلك فقد كان الأهل يفضلون اختيار الأجنة الأنثوية فقط.
أما بالنسبة لاختلال الصيغة الصبغية (aneuploidy) فإن الأمثلة على ذلك تشمل متلازمة داون (Down syndrome)، التي تنتج عن وجود نسخة زائدة من الصبغية رقم 21، ومتلازمة كلاينفلتر(8) Klinefelter syndrome، حيث يكون لدى الأولاد الذكور في هذه الحالة صبغية X زائدة فتصبح الصيغة الصبغية عندهم XXY، ومتلازمة تيرنر(9)(Turner Syndrome) بحيث لا يكون لدى الإناث في هذه الحالة إلا صبغية X واحدة. هذه الحالات بالإضافة إلى الحالات الشائعة الأخرى من اختلال الصيغة الصبغية غاليا ما تحول دون انغراس الأجنة في الرحم أو تسبب حالات الإجهاض، وإذا استمر الحمل حتى النهاية فقد يعاني المولود من صعوبات في التعلم واللغة، أو العقم، أو قصر القامة، أو من مشاكل أخرى قد تكون حادة وربما قاتلة. مع تقدم النساء في السن تزداد احتمالات إصابة الأجنة باختلال الصيغة الصبغية. والشيء نفسه ينطبق على حالة أخرى تدعى التبادل الصبغي (translocation)، حيث يحصل في هذه الحالة خطأ في تبادل المادة الوراثية أثناء انقسام الخلية، وتقوم الصبغيات من مختلف المجموعات الثنائية بتبادل الحامض النووي DNA. بما أن هذه المشاكل تقلل من احتمال نجاح الحمل فإن الفائدة الأخرى لتقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD: هي مساعدة الأزواج العقيمين على زيادة فرص الإنجاب، حتى ولو لم يكونوا حاملين لأي من العيوب الوراثية المعروفة.
تسمى التقنية الأكثر استخداما في كشف العيوب الصبغية تقنية التهجين عبر إضاءة الأماكن المطلوبة (fluorescence situ hybridization)، أو ما يعرف اختصارا بتقنية (FISH). في الخطوة الأولى من هذه العملية يحدد عالم الوراثة الحالة أو الحالات التي يريد البحث عنها ثم يقوم بإعداد المسابير الملائمة التي ستلتصق تلقائيا بالأجزاء المطلوبة من الحامض النووي، إي أنها تتهجن أو تتزاوج معها. بعد وضع الخزعة الخلوية على شريحة يقوم عالم الوراثة بإضافة المسابير إليها، حيث إن كل مسبار مصبوغ بلون قابل للتوهج إذا تم تعريضه للأشعة فوق البنفسجية.
بعد حدوث التهجين وإزالة المسابير الزائدة يقوم عالم الوراثة بفحص الخلية بواسطة مجهر خاص. تشير البقع المضيئة على الصبغيات إلى المسابير التي قبلت التهجين، إي إلى العيوب الموجودة. على سبيل المثال، وجود ثلاث نقاط مضيئة في المكان الذي لا ينبغي أن توجد فيه سوى نقطتين يشير إلى متلازمة داون، كما يمكن أن تدل الأشكال الأخرى للبقع على التبادلات الموضعية بين أجزاء الحامض النووي، إلا أن تقنية FISH لا تستطيع الكشف عن كل العيوب الصبغية المحتلمة، لأنه لا توجد مسابير إلا لفئة معينة منها. بالإضافة إلى ذلك، قد تحدث تشخيصات خاطئة، على سبيل المثال، إذا وقع تشابك بين الصبغيات وأدى إلى تغطية وإخفاء بعض البقع الملونة، أو إذا كان التهجين بين الصبغيات والمسابير جزئيا فقط.
في المستقبل القريب قد تنضم تقنيات أخرى إلى مخزون التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD، فالتهجين الجينومي المقارن comparative genomic hybridization الذي يعتمد على فحص جميع صبغيات الخلية بدلاً من الانتقاء المسبق لصبغيات بعينها، يبشر بالتفوق على تقنية FISH من حيث الدقة والموثوقية. فقد سبق لهذه التقنية أن كشفت عن اختلافات في الصيغة الصبغية عجزت الطرق السابقة عن كشفها. في هذه التقنية يتم اعتماد طريقة خاصة من التفاعل المتسلسل لإنزيم البلمرة PRC، الذي يقوم بنسخ جميع العوامل الوراثية في الخلية ثم صبغ النسخ الجديدة من الصبغيات بلون قابل للتوهج، (عادة يتم استعمال اللون الأخضر)، بعد ذلك يتم نسخ مجموعة نموذجية من الصبغيات وصبغها بلون آخر (غالباً ما يكون اللون الأحمر). يسمح لهاتين المجموعتين بالتهجن مع بعضهما بعضا، مع وجود كومبيوتر يقوم بتحليل الألوان الناتجة، يدلل ظهور اللون البني على وجود تهجين كامل بين الصبغيات النموذجية والصبغيات موضع الفحص، وهذا يشير إلى سلامة الخلية، في حين يدل ظهور البقع الخضراء على وجود صبغيات زائدة ضمن مجموعة العوامل الوراثية التي يتم فحصها، أما البقع الحمراء فإنها تدل على المكان الذي يوجد فيه نقص بإحدى ـ أو بجزء من إحدى ـ الصبغيات التي يتم فحصها.
لقد أصبح التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD إجراء روتينيا (على الرغم من كلفته العالية)، لكن استعماله للمرة الأولى في العام 1990م شكل ثورة علمية وأثار ضجة سياسية في الوقت نفسه. وحتى قبل ظهوره كان النقاش العلني الحاد في بريطانيا حول المساس بالأجنة البشرية على قدم وساق، جراء ظهور تقنية التخصيب عبر الأنابيب IVF، إضافة إلى التقنيات الأخرى، سواء تلك التي كانت موجودة أو تلك التي يتم العمل على إيجادها. وكان البرلمان يدرس إصدار قرار حول حظر شامل لجميع الأبحاث المتعلقة بالأجنة البشرية. وفي هذا الصدد يقول ألن هانديسايد: «إن تقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD أثبتت أنها مدافع رائع عن أبحاث الأجنة البشرية.. لقد نشرنا أخبار نجاح حالات الحمل للمرة الأولى خلال الأسبوع الذي كانت تتم فيه المناقشة داخل البرلمان».
لم يكن هذا التوقيت مصادفة، فمحرر صحيفة «Nature» «شعر بوجوب إطلاع الناس على الفوائد الكامنة للأبحاث المتعلقة بالأجنة، وهذا ما شجعنا على تسليم المخطوطة للنشر»، يقول هانديسايد: «إن هذه الورقة التي كتبت على وجه السرعة تم قبولها في غضون ثلاثة أو أربعة أيام». وفي النهاية صوت البرلمان لصالح السماح بالأبحاث المتعلقة بالأجنة بإشراف الحكومة.
كان الأمريكيون أيضاً نشطاء في السباق على التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD، إلا أن الولايات المتحدة اتبعت نهجا مختلفا جدا. لم يكن قد مضى وقت طويل على الإنجاز الذي حققه الفريق البريطاني عندما قام فريق من شيكاغو باستعمال تحليل الخلية القطبية للمرة الأولى في التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD عند البشر. بالإضافة إلى ذلك كان مارك هيوز وأمريكيون آخرون يعملون مع فريق هانديسايد في إنجلترا، وقاموا بالتعاون مع بعضهم بعضا بتطوير هذه التكنولوجيا لتشمل ليس فقط الصبغيات الكاملة بل أيضاً أجزاء صغيرة من الحامض النووي DNA ثم «طبقوها للمرة الأولى في العالم على حالات معينة من الأمراض الوراثية».
«بعد ذلك يقول هيوز: قام الأمريكيون بجلب هذه التكنولوجيا إلى الولايات المتحدة» حيث صدرت تشريعات من الحكومة لمنع استخدام أموال الدولة من أجل أي بحث يتعلق بالأجنة البشرية ، ولا تزال هذه التشريعات سارية حتى الوقت الحاضر، وبدلا من أن يؤدي هذا إلى إيقاف أبحاث الأجنة فإنه فسح لها مجال كي تواصل تطورها السريع بدعم حصري من أموال القطاع الخاص وبشكل ينأى بها كليا عن سيطرة الدولة. وبالمقابل، فإن القرارات المتعلقة بتوقيت وكيفية استخدام تقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD داخل الولايات المتحدة لا تعود لأي سلطة رسمية بل هي بيد الباحثين والأطباء المتخصصين.
مع تطور هذه التكنولوجيا تطورت أيضا تطبيقاتها. على سبيل المثال، كان هيوز في البداية مصمما على عدم استعمالها إلا لمعالجة «الأمراض الوراثية الأكثر خطورة» وليس للتقصي عن الصفات الوراثية التي لا تهدد صحة الطفل. بعد ذلك وفي العام 1994م قدم زوجان برفقتهما ابنة تحتضر جراء إصابتها بمتلازمة العوز المناعي المشترك الحاد (severe combined immune deficiency syndrome)، (SCIDS) أو ما يعرف بمرض «طفل الفقاعة» القاتل، وطلبا من هيوز أن يساعدهما على إنجاب طفل سليم عن طريق إجراء فحوصات للتقصي عن هذه المتلازمة. وافق هيوز ثم بدأت الاستعدادات لذلك.
بعد ذلك بوقت قصير تقدم الزوجان بطلب ثان، ويقول هيوز عن هذا الطلب: «لقد أربكني إرباكا شديداً»، حيث طلبا منه أن يستخدم التحليل الوراثي ليس فقط للتقصي عن هذه المتلازمة (SCIDS) فحسب، بل لضمان أن يكون نمط نقي العظم الخاص بالطفل مطابقا لنمط نقي العظم الخاص بالابنة المريضة، فإجراء نقل لنقي العظم كفيل بأن ينقذ حياة تلك الابنة. يجب أن تتم عملية النقل هذه قبل أن يبلغ الطفل عامة الأول ولن تكون هناك خطورة تذكر على حياته.
يقول هيوز: «إن هذا الطلب كان يعني تجاوز أحد الخطوط الحمراء» لأنه كان يشمل التقصي عن صفة وراثية وليس عن مرض، لذلك «لم نستطع القيام بهذا الأمر إلا بعد أن فكرنا به مليا». ناقش هيوز هذا الموضوع بشكل مطول مع اختصاصيين في علم الأخلاق الحيوي ومع آخرين، لكن قبل أن يتوصل إلى قرار في شأن هذه المسألة واجهه والد الفتاة وذكـّره بأن هناك حياة طفلة على المحك وبأن حبه هو وزوجته للطفل الثاني لن يقل عن حبهما للطفل الأول.
«لا أعلم ما هو صحيح من وجهة نظر المجتمع بأكمله» يقول هيوز ،«ولا أعلم ما هو صحيح بالنسبة لكل إنسان، لكنني في تلك اللحظة عرفت كطبيب وكعالم ما هو صحيح بالنسبة لتلك المريضة»، فقام بانتقاء جنين مناسب، وولد طفل سليم، ونجحت عملية النقل وشفيت المريضة وعاشت. وفي الوقت الحالي، يقول هيوز، إن فريقه يشهد مثل هذه الحالة «مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع»، لقد غدت عملية انتقاء جنين يكون نقي عظمه مطابقا لنقي عظم طفل آخر إجراء شائعا.
لا يمكن البت بجميع المسائل الأخلاقية بهذه البساطة، حيث يخشي بعض المراقبين من أن يتم استخدام عملية انتقاء أجنة بصفات وراثية معنية ليس فقط من أجل إنقاذ الأرواح فحسب، بل لإعطاء ميزات اجتماعية لبعض الأطفال، فهل يستطيع الأهل أن يطالبوا تصميم أطفالهم بحيث تكون لديهم مواهب موسيقية أو قدرات رياضية أو سمات شخصية مرغوبة أو ذكاء خارق؟
يعتبر العلماء الذين يستخدمون تقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD أن مثل هذا الخطر محدود جداً، لأنه في هذه التقنية لا تتم زراعة المورثات (الجينات)، إنما فقط الانتقاء بين تلك الموجودة أصلا لدى الجنين. «إذا لم تلك لديك مورثات خاصة بالشعر الأشقر فلن يكون لديك أجنة تحمل هذه المورثات»، يقول هانديسايد: «إن أفضل طريقة لتصميم طفل هي بحسن اختيار الشريك»، ويضيف هيوز بأنه «ما من أحد يتمتع بكامل قواه العقلية سيلجأ للتلقيح عبر الأنابيب IVF ما لم يكن مضطرا لذلك، وما من أحد سيلجأ لاستخدام التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD من أجل أشياء تافهة»، لكن تعريف الأشياء التافهة يختلف من شخص إلى آخر. على سبيل المثال، اختيار جنس الجنين يتم حاليا على نطاق واسع، وإن كان على نحو سري في أغلب الأحيان، باستعمال تقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD.
يرى بعض النقاد أن منع ولادة الأطفال، لا لشيء إلا لأنهم يحملون صفات يعتبرها البعض غير مرغوبة لكنها لا تهدد حياتهم، من شأنه أن يقل من قيمة حياة أولئك الناس الذين توجد لديهم تلك الصفات. تؤكد فيليبا تايلور من المركز البريطاني لعلم الأخلاق الحيوي والسياسة العامة
ـ حيث إن أعضاءه من ذوي التوجه المسيحي ـ بأن تقنية التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD تتضمن الانتقاء على أساس أن بعض الناس لا يعتبرون جديرين بالحياة.. من الصعب التصديق بأن المجتمع، الذي تغلب على مخاوفه من الإعاقة البدنية ويعتبر بحق أن المعاقين متساوون مع باقي أفراد المجتمع، سيكون فيه هذا الاهتمام الشديد بالتشخيص الوراثي قبل الزرع PGD (أو حتى بالتقصي عن الأمراض قبل الولادة).
تتنبأ تايلور بأنه إذا قلّ عدد المعاقين سيقل الاهتمام بهم كما ستقل الأموال المتخصصة للأبحاث والخدمات الخاصة بهم. وتقول أيضاً: «إن التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD (والتشخيص قبل الولادة) يروجان لفكرة أن منع ولادة طفل معاق هو جزء من مسؤولية الأبوين»، لكن العديد من الناس يؤمنون بهذا الشيء ويرون في التكنولوجيا الحديثة سبيلا لتحقيق ذلك.
لكن، حتى لو كان التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD قد وضع المجتمع أمام تحديات أخلاقية غير مسبوقة، فإنه قد غيّر علم الوراثة الطبي إلى الأبد، وحوله من علم عاجز عن تقديم أي شيء للعديد من العائلات المتألمة إلى علم غيّر حياة الآلاف من الناس نحو الأفضل. إن التشخيص الوراثي قبل الزرع PGD حرر الأزواج من خوفهم بأن ينقلوا البؤس إلى الأجيال القادمة، ومكن آخرين من إنجاب الأطفال الذين طال انتظارهم لهم ، كما سمح للأطفال، الذين ربما كانوا سيموتون قبل أوانهم وبشكل مؤلم، أن يعيشوا حياة خالية من الأمراض.

الهوامش
ـــــ
(1) الناعور: مرض وراثي يكون فيه تخثر الدم بطيئاً جدا بسبب نقص عوامل التخثر في الدم، المترجم.
(2) فقر الدم من نوع فانكوني: اضطراب متنح في الصبغيات العادية اللاجنسية يتميز بفقر دم لا تنسجي أو لا نموي شديد (بحيث يعجز نقي العظام عن إنتاج كريات الدم، سواء الحمراء أو البيضاء)، وبقابلية كبيرة للتحول إلى مرض خبيث، كما يسبب التخلف العقلي وضعف في النمو وعيوب في الهيكل العظمي والكليتين. تنتج هذه الحالة عن عيب في واحدة من مجموعة جينات تدعى جينات فقر الدم من نوع فانكوني (نسبة لمكتشفها طبيب الأطفال السويسري فانكوني 1892م ـ 1979م)، المترجم.
(3) مرض هنتنجتون: مرض وراثي يصيب الدماغ تتأخر أعراضه عادة بالظهور حتى يبلغ المصاب به منتصف العمر، وتتمثل في فقدان التوازن الجسدي والعقلي والكلامي (سمي بهذا الإسم نسبة للطبيب الأمريكي هنتنجتون 1850م ـ 1916م)، المترجم.
(4) القطعة الأرومية: جنين قي طور توالي metazoan مبكر يتكون من طبقة واحدة من الخلايا على شكل كرة جوفاء، المترجم.
(5) النيكلوتيد هو مركب يتشكل من الحلمأة hydrolysis الجزئية للأحماض النووية، وهو عبارة عن ملح عضوي كحولي من النيكلوسيد وحامض الفوسفور، المترجم.
(6) متلازمة ليش ناهيان: مرض وراثي مرتبط بالصبغيات الجنسية ينتج عن نقص إنزيمي يؤدي إلى إنتاج مفرط لحامض البول. يكون الأولاد المصابون بهذا المرض عادة متخلفين عقليا ويعانون من التشنج والتهاب المفاصل النقرسي، المترجم.
(7) متلازمتا دوشن وبكير لاضطراب التغذية العضلي: مرضان وراثيان مرتبطان بالصبغيات الجنسية ويصيبان الذكور حصرا تبدأ متلازمة دوشن بالظهور قبل سن الرابعة حيث تصيب بالضعف والضمور في عضلات الحزام الحوضي والظهر، كما يعاني الطفل المصاب من اضطراب في المشي ومن بزخ في الفقرات القطنية. وغالباً ما تصاب عضلات بطنتي الساق والكتفين والطرفين العلويين في هذه الحالة بالقساوة والتضخم، (سميت بهذا الاسم نسبة إلى عالم الأعصاب الفرنسي ج. ب. أ دوشن من القرن التاسع عشر). أما متلازمة بيكر فهي شبيهة بمتلازمة دوشن، إلا أنها أقل حدة منها، وتبدأ بالظهور بين سن الخامسة والخامسة عشر، ثم بعد ذلك بخمسة وعشرين عاما يصبح معظم المصابين بها مقعدين وعاجزين عن الحركة، إلا أن ذلك لا يؤثر على متوسط العمر لديهم (سميت بهذا الاسم نسبة إلى عالم الوراثة الألماني ب. أ بيكر من القرن العشرين)، المترجم.
(8) متلازمة كلاينفلتر: يعاني المصابون بهذا المرض من صغر حجم الخصيتين والعجز عن إنتاج المستوى الطبيعي من الحيوانات المنوية، ومن تضخم الثديين وعدم نمو الشعر على الوجه والجسم (سمي بهذا الاسم نسبة للطبيب الأمريكي هـ . ف. كلاينفلتر 1912م)، المترجم.
(9) متلازمة تيرنر: يؤدي هذا المرض الذي يصيب النساء إلى العقم نظرا لفقدانهن المبايض وانعدام الدورة الشهرية لديهن على الرغم من وجود أعضاء جنسية خارجية. ويسبب أيضاً قصر القامة وعيوبا مختلفة في النمو (سمي بهذا الاسم نسبة إلى عالم الغدد الصماء الأمريكي هـ.هـ 1892م ـ 1970م)

Best Wishes: Dr.Ehab Aboueladab - Email:ehab10f@gmail.com

معلومات عن مزاولة مهنة التحاليل الطبية بالسعودية طبقا لنظام الهيئة السعودية للتخصصات الصحية

معلومات عن مزاولة مهنة التحاليل الطبية بالسعودية طبقا لنظام الهيئة السعودية للتخصصات الصحية من الذى يصنف اخصائى مختبر بالسعودية : 1 - كل من ...