اظهرت الدراسات المسحية في العديد من دول العالم ان سرعة القذف حالة شائعة ومنتشرة عالمياً تصيب حوالي 30- 60% من الرجال ويعتقد ان النسبة اعلى من ذلك بكثير نتيجة لعدم ادراك بعض الرجال انها مشكلة صحية تحتاج الى معالجة او لخجل البعض من طلب المساعدة الطبية ومن ثم عدم التأكد من مدى شيوعها بدقة مقارنة بالضعف الجنسي عند الرجال. هذه الحالة تسبب للعديد من الرجال القلق والانطواء والارتباك والاحباط وتؤثر على احترامهم الذاتي وثقتهم بطاقتهم الجنسية وقد تزعزع علاقاتهم الزوجية وقد تؤدي إلى الخيانة أو الطلاق. ففي دراسة امريكية قام بها خبراء من ميتشيغان في الولايات المتحدة على 154 امرأة حددت شعورهن بالنسبة إلى سرعة قذف ازواجهن ونسبة حدوثها، واعترفت النساء ان حوالي 29٪ من الازواج يعانون من القذف السريع أحياناً وحوالي 23٪ مصابون بتلك الحالة في أغلب مرات المعاشرة أو جميعها مما يؤثر على جودة المعاشرة في حوالي 40٪ من تلك الحالات مع الصعوبة أو عدم التوصل إلى اللذة وعدم الرضا عند اللذة الجنسية، واكدت اولئك الزوجات رغبتهن في تشجيع ازواجهن إلى الاستشارة الطبية لمعالجة تلك الحالة التي تنغص حياتهن الجنسية.
وفي اختبار آخر قام به الدكتور بتريك وزملاؤه في مدينة نيوجرسي في الولايات المتحدة قابلوا خلاله شعور الازواج وادراكهم الذين يعانون من سرعة القذف وزوجاتهم بالنسبة إلى عدم القدرة على السيطرة على القذف من قبل الرجال ونسبة الاحباط وعدم الرضا بالنسبة إلى جودة المعاشرة والصعوبة في التوصل إلى الذروة أو توطيد العلاقة الشخصية فأبرزوا أن كلا من الازواج والزوجات يدركون مدى المشاكل النفسية والزوجية ولكن بنسبة اعلى عند الزوجات مما يؤثر على علاقتهن الشخصية والجنسية وشعور النساء حول اهمال ازواجهن لهن وعدم اهتمامهم بهن في حال اصابة الرجل بسرعة القذف.
وتختلف تعريفات سرعة القذف لكن التعريف الاكثر قبولا في الاوساط الطبية هو عندما يحدث القذف خلال دقيقة او اقل من الايلاج في كل او معظم محاولات المعاشرة الزوجية مع مايصاحبها من تأثيرات نفسية واجتماعية على الزوجين. وتقسم من الناحية الطبية الى نوعين: النوع الأولى وهو الذي يصاب به الرجل من اول علاقة جنسية ويستمر معه بعد ذلك ويعتقد ان من اهم اسبابه الاضطرابات العصبية والهرمونية وكذلك الخلل الجيني. والنوع الثانوي وهو الذي يصاب به الرجل في مرحلة متأخرة من حياته الجنسية (اي بعد علاقة طبيعية سابقة) ويعتقد ان من اهم اسبابه المشاكل النفسية او التهابات البروستات. وتختلف الوسائل العلاجية لكلا النوعين من سلوكية الى دوائية وهي ما اشارت اليه اللجنة التابعة للجمعية الامريكية لجراحة المسالك البولية والتناسلية وكذلك الجمعية العالمية للطب الجنسي. وابرز طرق العلاج تعتمد على التعديل السلوكي واستعمال الضغط على حشفة العضو التناسلي أو التوقف المتكرر عن الاثارة الجنسية قبل بلوغ الذروة كما تساعد بعض الادوية وخصوصاً استعمال بعض مضادات الاكتئاب اواستخدام التخدير الموضعي على حشفة العضو بهلامة EMLA لمدة 20 إلى 30 دقيقة فقط قبل الجماع أو استعمال تلك الوسيلتين معاً على زيادة فترة المعاشرة وتأخير القذف لمدد اطول. وقد ابرزت بعض الدراسات الكورية فعالية هلامة تحتوي على تسعة أعشاب تدعى SS cream في تمديد فترة الانتصاب قبل بلوغ النشوة والقذف لمدة طويلة في معظم تلك الحالات، ورغم نجاح العلاج الدوائي بنسبة عالية في اطالة فترة المعاشرة الى حوالى 8 مرات من وقتها الأساسي إلا انه قد يسبب اعراضاً جانبية تحول دون استعماله على نطاق واسع وتدفع بعض الرجال على التوقف من استعماله ملتمسين علاجاً بسيطاً وسهلاً وبدون اية مضاعفات يكون خاصاً لتلك الحالات ومن هذه الاعراض الصداع، الغثيان،النعاس وضعف التركيز. فهل هنالك في الأفق أي عقار يفي بتلك المواصفات ويكون الاول من نوعه الحاصل على موافقة معهد الغذاء والادوية الفيدرالي الامريكي FDA لمعالجة تلك الحالات؟
آخر الابحاث في هذا المجال تدور حول عقار جديد يدعى دابوكستين DAPOXETINE لايزال تحت الدراسة من قبل هيئة الغذاء والدواء الامريكية والذي قد يفي جميع المواصفات المطلوبة ليصبح العلاج الاول والأكثر فعالية لمعالجة سرعة القذف، ويحتوي على المادة الكيماوية Benzenemethanamine التي تعتبر ذات فعالية عالية في تثبيط نقل مادة السيروتونين Serotonin في الدماغ، وبعد تناوله ينخفض نصف معدله في الدم خلال 90 دقيقة وينقص مستواه إلى حوالي 4٪ بعد حوالي 24 ساعة من استعماله. تأتي هذه النتائج بعد عدة ابحاث اجريت على العقار في 121 مركزا بحثيا طبيا في امريكا وشملت مايقارب 2000 شخص ممن يعانون سرعة القذف كما ابرز هذه النتائج الدكتور اندرسون وزملاؤه في مقالة نشرت في المجلة العالمية البريطانية لجراحة المسالك البولية والتناسلية ، فإزالة هذا العقار السريع من الجسم قد تميزه عن باقي مضادات الاكتئاب في انخفاض الاعراض الجانبية التابعة لها فضلاً عن أن استعماله اليومي لم يزد تركيزه أكثر من 20٪ على المدى الطويل، ومن ميزاته الاخرى سرعة امتصاصه من المعدة واستقلابه لمواد غير فعالة وازالته بطريقة شبه كاملة في غضون 24 ساعة بعد تناوله، وقد اظهرت عدة اختبارات حديثة فعالية الدابوكستين في معالجة سرعة القذف إذا ما استعمل بجرعة 30 ملجم أو 60 ملجم حوالي ساعة إلى 3 ساعات قبل المعاشرة إذ انه نجح في تمديد فترة الايلاج قبل حصول الذروة والقذف من حوالي 55 ثانية إلى 145 ثانية أي بمعدل 3 إلى 4 اضعاف فضلاً عن انه ساعد على تحسين الادراك الحسي لهؤلاء الرجال بالنسبة إلى التحكم بالقذف وزاد نسبة ارضائهم الجنسي.
ومن ابرز اعراضه الجانبية حدوث غثيان طفيف وعابر او دوخة قصيرة والذي لم يدع إلى التوقف عن استعماله من قبل معظم الرجال الذين خضعوا لهذا العلاج في الدراسات العالمية فضلاً عن انه لم يسبب نقصا في الرغبة الجنسية أو تخاذل القذف أو المضاعفات الجانبية التي قد تحصل بنسبة 30٪ إلى 50٪ مع استعمال مضادات الاكتئاب الاخرى في تلك الحالات وهذا قد يعود لان الدابوكستين لا يدوم داخل الجسم الا لفترة قصيرة.
فبالخلاصة انه رغم بعض مضادات الاكتئاب المستعملة حالياً في معالجة سرعة القذف قد اعطت نتائج ايجابية جيدة في الكثير من تلك الحالات الا أن وجوب استعمالها لبضعة اسابيع متتالية احياناً مع نسبة عالية من الاعراض الجانبية قد تحد من نجاحها وتقبلها من المرضى الذين يتطلبون علاجاً بسيطاً وسليماً يتناولونه قبل المعاشرة وخاليا من المضاعفات وذو نجاح مرتفع. وقد يكون علاج الدابوكسيتين المرشح الاول لتحقيق هذه المعادلة.
تجدر الاشارة الى ان هذا العلاج قد تمت اجازته في فبراير 2009 م بعد حصوله على موافقة الهيئات الرسمية في اكثر من 50 دولة ومنها فنلندا والسويد والبرتغال والنمسا والمانيا ونيوزيلاند وكذلك مركز الموافقة على الأدوية الأوروبي عام 2012 م لمعالجة سرعة القذف للرجال البالغين (18-64 سنة). ومازال الدواء ينتظر موافقة معهد الغذاء والادوية الفيدرالي الامريكي FDA (في مراحل الفحص الاخيرة) ليتمكن الملايين من الرجال المصابين بسرعة القذف عالمياً من استعماله واستعادة طاقتهم الجنسية الطبيعية إن شاء الله.
Best Wishes: Dr.Ehab Aboueladab, Tel:+201007834123,Email:ehab10f@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق